الألباب، فإياك أن تقتعد مطية اللجاج، وأن توجف (1) إلى آل السراب، فمن عذر بذلك فلست فيه أيها المرء بمعذور، وقد أغفلك أبو واثلة وهو ولي أمرنا و سيد حضرنا (2) عتابا فأوله أعتابا، ثم تعلم أن ناجم قريش يعني رسول الله صلى الله عليه وآله يكون رزه (3) قليلا ثم ينقطع، ويكون بعد ذلك قرن (4) يبعث في آخره النبي المبعوث بالحكمة والبيان والسيف والسلطان، يملك ملكا مؤجلا، تطبق فيه أمته المشارق والمغارب، ومن ذريته الأمير الظاهر يظهر على جميع الملكات والأديان ويبلغ ملكه ما طلع عليه الليل والنهار، وذلك يا حار أمل من ورائه أمد، ومن (5) دونه أجل فتمسك من دينك بما تعلم، وتمنع لله أبوك من انس متصرم بالزمان أو لعارض من الحدثان فإنما نحن ليومنا ولغد أهله.
فأجابه حارثة بن أثال فقال إيه (6) عليك أبا قرة! فإنه لاحظ في يومه لمن لا درك له في غده، واتق الله تجد الله جل وتعالى بحيث لا مفزع إلا إليه، وعرضت مشيدا بذكر أبي واثلة فهو العزيز المطاع، الرحب الباع، وإليكما معا ملقى الرجال، فلو أضربت التذكرة عن أحد لتبريز فضل لكنتماه، لكنها أبكار الكلم تهدى لأربابها، ونصيحة كنتما أحق من أصفى (7) بها إنكما مليكا ثمرات قلوبنا ووليا طاعتنا في ديننا، فالكيس الكيس يا أيها المعظمان عليكما به أرمقا ما بدهكما نواحيه (8) واهجرا سنة التسويف فيما أنتما بعرضه، آثرا الله فيما آتاكما يؤثركما (9) بالمزيد من فضله، ولا نخلدا فيما أظلكما إلى الونية، فإنه من أطال عنان الامن أهلكته العزة (10) ومن اقتعد مطية الحذر كان بسبيل أمن من المتالف