خلقوا من شجر شتى وخلقت أنا وعلي من شجرة واحدة. وقوله صلى الله عليه وآله بأحد وقد ظهر من نكايته (1) في المشركين ووقايته إياه بنفسه حتى قال جبرئيل: يا محمد إن هذا لهي المواساة، فقال: يا جبرئيل إنه لمني وأنا منه، فقال جبرئيل: وأنا منكما " وأنفسكم " يعني من شئتم من رجالكم " ثم نبتهل " أي نتضرع في الدعاء عن ابن عباس، وقيل: نلتعن، فنقول: لعن الله الكاذب " فنجعل لعنة الله على الكاذبين " منا، وفي هذه الآية دلالة على أنهم علموا أن الحق مع النبي صلى الله عليه وآله لأنهم امتنعوا من المباهلة، وأقروا بالذل والخزي، وانقادوا لقبول الجزية، فلو لم يعلموا ذلك لباهلوه، وكان يظهر ما زعموا من بطلان قوله في الحال، ولو لم يكن النبي صلى الله عليه وآله متيقنا بنزول العقوبة بعدوه دونه لو باهلوه لما أدخل أولاده و خواص أهله في ذلك مع شدة إشفاقه عليهم. انتهى كلامه رفع الله مقامه (2).
ولنذكر هنا بعض ما ذكره المخالفون في تفسير تلك الآية ليكون أجلى للعمى وأبعد عن الارتياب، قال الزمخشري في الكشاف: " فمن حاجك " من النصارى " فيه " في عيسى " من بعد ما جاءك من العلم " أي من البينات الموجبة للعلم " تعالوا " هلموا، والمراد المجئ بالرأي والعزم، كما تقول: تعال نفكر في هذه المسألة " ندع أبناءنا وأبناءكم " أي يدع كل مني ومنكم أبناءه ونساءه ونفسه إلى المباهلة " ثم نبتهل " ثم نتباهل بأن نقول: بهلة الله على الكاذب منا ومنكم والبهلة بالفتح والضم: اللعنة، وبهله الله: لعنه وأبعده من رحمته، من قولك:
أبهله: إذا أهمله، وناقة باهل: لاصرار عليها (3)، وأصل الابتهال هذا، ثم استعمل في كل دعاء يجتهد فيه وإن لم يكن التعانا.
وروي أنه لما دعاهم إلى المباهلة قالوا: حتى وننظر، فلما تخالوا قالوا للعاقب وكان ذا رأيهم: يا عبد المسيح ما ترى؟ فقال: والله لقد عرفتم يا معشر