وقال البلاذري: قطعت يداه ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لقد أبدله الله بهما جناحين يطير بهما في الجنة " ولذلك سمي الطيار.
قال: ثم أخذ الراية عبد الله بن رواحة فنكل (1) يسيرا ثم حمل فقاتل حتى قتل، فلما قتل انهزم المسلمون أسوأ هزيمة كانت في كل وجه، ثم تراجعوا فأخذ اللواء ثابت بن أقرم (2) وجعل يصيح: يا للأنصار، فثاب إليهم (3) منهم قليل، فقال لخالد بن الوليد: خذ اللواء يا أبا سليمان، قال خالد: لا بل خذه أنت فلك سن وقد شهدت بدرا، قال ثابت: خذه أيها الرجل فوالله ما أخذته إلا لك، فأخذه خالد و حمل به ساعة وجعل المشركون يحملون عليه حتى دهمه منهم بشر كثير، فانحاز بالمسلمين وانكشفوا راجعين.
قال الواقدي، وقد روي أن خالدا ثبت بالناس فلم ينهزموا، والصحيح أن خالدا انهزم بالناس (4).
وروى محمد بن إسحاق قال: لما أخذ جعفر بن أبي طالب الراية قاتل قتالا شديدا حتى إذا أثخنه (5) القتال اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها، ثم قاتل القوم حتى قتل، فكان جعفر عليه السلام أول رجل عقر في الاسلام (6).
قال الواقدي: وقال عبيد الله بن عبد الله (7): ما لقي جيش بعثوا مبعثا ما لقي أصحاب مؤتة من أهل المدينة، لقوهم بالشر حتى أن الرجل لينصرف إلى بيته وأهله فيدق عليهم فيأبون أن يفتحوا له، يقولون ألا تقدمت مع أصحابك فقتلت، وجلس الكبراء منهم في بيوتهم استحياء من الناس، حتى أرسل النبي صلى الله عليه وآله رجلا رجلا يقول لهم: أنتم الكرار في سبيل الله فخرجوا.