أمر النجاشي جعفر بن أبي طالب ومن هناك من المسلمين فحضروا، فخطب النجاشي فقال: " الحمد لله الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار، أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وأنه الذي بشر به عيسى بن مريم، أما بعد فإن رسول الله صلى الله عليه وآله كتب إلي أن أزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان، فأجبت إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وآله، وقد أصدقتها أربعمائة دينار ".
ثم سكب الدنانير بين يدي القوم، فتكلم خالد بن سعيد فقال: " الحمد لله أحمده وأستعينه وأستغفره وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، أما بعد فقد أجبت إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وآله، وزوجته أم حبيبة بنت أبي سفيان، فبارك الله لرسول الله صلى الله عليه وآله ".
ودفع الدنانير إلى خالد بن سعيد فقبضها، ثم أرادوا أن يقوموا فقال: اجلسوا فإن سنة الأنبياء إذا تزوجوا أن يؤكل طعام على التزويج، فدعا بطعام فأكلوا ثم تفرقوا، قالت أم حبيبة: فلما أتى بالمال أرسلت إلى أبرهة التي بشرتني فقلت لها: إني كنت أعطيتك ما أعطيتك يومئذ ولا مال بيدي، فهذه خمسون مثقالا فخذيها فاستعيني بها، فأخرجت حقا فيه كل ما كنت أعطيتها فردته علي، و قالت: عزم علي الملك أن لا أرزأك (1) شيئا، وأنا الذي أقوم على ثيابه ودهنه، و قد اتبعت دين محمد رسول الله، وأسلمت لله، وقد أمر الملك نساءه أن يبعثن إليك بكل ما عندهن من العطر، قالت: فلما كان الغد جاءتني بعدد ورس وعنبر و زباد (2) كثير فقدمت بكله على النبي صلى الله عليه وآله، وكان يراه علي وعندي ولا ينكره ثم قالت أبرهة: حاجتي إليك أن تقرئي على رسول الله صلى الله عليه وآله مني السلام وتعلميه أني قد اتبعت دينه، قالت: وكانت هي التي جهزتني، وكانت كلما دخلت علي