يبعثوا شرحبيل و عبد الله بن شرحبيل وجبار بن فيض فيأتونهم بخبر رسول الله صلى الله عليه وآله فانطلق الوفد حتى أتوا رسول الله فساء لهم وساءلوه، فلم يزل به وبهم المسألة حتى قالوا له: ما تقول في عيسى بن مريم: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما عندي فيه شئ يومي هذا فأقيموا حتى أخبركم بما يقال لي في عيسى صبح الغد، فأنزل الله هذه الآية:
" إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم " إلى قوله: " فنجعل لعنة الله على الكاذبين (1) " فأبوا أن يقروا بذلك، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله الغد بعد ما أخبرهم الخبر أقبل مشتملا على الحسن والحسين في خميلة (2) له، وفاطمة تمشي عند ظهره، وخلفها علي، للملاعنة، وله يومئذ عدة نسوة، فقال شرحبيل لصاحبيه: إني أرى امرأ مقبلا إن كان الرجل نبيا مرسلا فلعناه لا يبقى على وجه الأرض منا شعر ولا ظفر إلا هلك، فقالا له: ما رأيك؟ فقال: رأيي أن احكمه، فإني أرى رجلا لا يحكم شططا أبدا، فقالا له: أنت وذاك، فتلقى شرحبيل رسول الله فقال: إني قد رأيت خيرا من ملاعنتك، قال: وما هو! قال: حكمك اليوم إلى الليل، وليلتك إلى الصباح، فمهما حكمت فينا جايز، فرجع رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يلاعنهم وصالحهم على الجزية (3).
وقال السيد ابن طاووس رحمة الله في كتاب إقبال الأعمال: روينا بالأسانيد الصحيحة والروايات الصريحة إلى أبي المفضل محمد بن عبد المطلب الشيباني رحمه الله من كتاب المباهلة، ومن أصل كتاب الحسن بن إسماعيل بن اشناس من كتاب عمل ذي الحجة فيما رويناه بالطرق الواضحة عن ذوي الهمم الصالحة لا حاجة إلى ذكر أسمائهم لان المقصود ذكر كلامهم، قالوا: لما فتح النبي صلى الله عليه وآله مكة وانقادت له العرب، وأرسل رسله ودعاته إلى الأمم وكاتب الملكين: كسرى وقيصر يدعوهما إلى الاسلام، وإلا أقرا بالجزية والصغار، وإلا أذنا بالحرب العوان (4) أكبر شأنه نصارى نجران وخلطاؤهم من بني عبد المدان، وجميع بني الحارث بن كعب ومن