فأمطر علينا حجارة (1) فأنزل الله تعالى: (ما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم (2)) فقال النبي صلى الله عليه وآله للحارث: إما أن تتوب أو ترحل عنا، فرحل فرماه الله بحجر على هامته فأخرج من دبره وأنزل الله (سأل سائل بعذاب واقع الكافرين (بولاية علي) ليس له دافع (3).
قال الصادق عليه السلام في رواية أبي بصير: هكذا نزلت.
وأسند ابن حنبل قول النبي صلى الله عليه وآله: يا علي إن فيك مثلا من عيسى بغضه اليهود حتى بهتوا أمه، أي: جعلوه ولد زنية، وأحبه النصارى حتى أنزلوه المنزل الذي ليس له، وقال علي عليه السلام: هلك في رجلان: محب مفرط بما ليس في، ومبغض يحمله شأني على أن يبهتني.
وقد أسند ابن حنبل بطرق مختلفة في روايات ثمان في ذلك وروى نحوه الفقيه الشافعي ابن المغازلي وعبد الواحد التميمي الأموي في الجزء الثالث من جواهر الكلام، وابن عبد ربه في كتاب العقد.
ومن المعقول أنه عليه السلام أخبر بالمغيبات، وظهر في بدنه ونفسه كرامات أوجبت التباس أمره حتى اختلف كثير لقصور فكرهم فاعتقدته النصيرية إلها يعطي ويمنع، وقوم عادوه وحاربوه وكتموا النصوص عليه، وسبوه، ولا عجب من ضلال أكثر الأمة المخالفة، فإن ذلك في سنن الأمم السالفة.
اعتبر حال بني إسرائيل إذ قالوا: (اجعل لنا إلها كما لهم آلهة (4)) والمقتصدون رفعوه عن مهابط الناقصين، ووضعوه عن منزلة إله العالمين، فجعلوه إماما متوسطا بين الخالق والمخلوقين، فأصابوا حق اليقين، حيث نزلوا عن علو غلو الشبيه، و صعدوا عن حضيض خفيض التشبيه، فلا يرجعون في أخراهم إلى ندم، بل يرجعون