وبالجملة فتواريخ مواليد الأئمة مشهور في إرشاد المفيد وكشف الغمة وغيرهما، ولله النعمة، وقد أسلفنا ذلك قريبا ولو سلم نقصه عن ذلك لم يضر شيئا في إمامته كما في يحيى ونحوه، فقد قال الله فيه: (وآتيناه الحكم صبيا (1)) وجعل عيسى في المهد نبيا وقد روى الخصم تفضيل المهدي على عيسى. عليهما السلام وقد ذكر أبو العلاء وهو من أعاظم الجمهور: أن عيسى بن مريم يصلي خلفه وأخرج نعيم بن حماد في كتاب الفتن وهو من أعيانهم وثقاتهم قول عيسى للمهدي:
إنما بعثت وزيرا ولم أبعث أميرا، ولا شك أن الأمير فوق الوزير.
ومن الكتاب أيضا عن محمد بن سيرين وذكر فتنة تكون فقال: إذا كان ذلك فاجلسوا في بيوتكم حتى تسمعوا على الناس بخير من أبي بكر وعمر، قيل: خير من أبي بكر وعمر؟ قال: قد كان يفضل [علي] على بعض الأنبياء.
ومن الكتاب المذكور أيضا سئل ابن سيرين: المهدي خير أم أبو بكر و عمر؟ قال: هو خير منهما.
وقد روى أبو نعيم في كتاب نعوت المهدي وخروجه، وما يكون في زمانه ومدته ونحو ذلك، مائة وستة وخمسين حديثا بأسانيدها وروى الجعب المنادي في كتابه الذي سماه (الفيض على محدثي الأعوام بنباء ملاحم غابر الأيام) في خروج المهدي ثمانية عشر حديثا بأسانيدها أيضا وسيأتي في الفصل الخامس والثاني عشر أحاديث من ذلك من ثقاتهم فلتلحظ منها.
قالوا: يبعد بقاؤه هذه المدة الطويلة قلنا: وهل يستبعد ذلك إلا من سلب الله قدرته، وقد مضى في السوالف نحوه، فقد بعث الله شعيب إلى خمس أمم، ولبث نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، وروي أنه عاش ألفا وأربعمائة سنة، وعاش لقمان النسوري ثلاثة آلاف وخمسمائة سنة، وقيل: عاش عمر سبعة أنسر، وسمي آخرها لبد، وقال: طال الأبد على لبد. وقيل فيه:
يا نسر كم تعمري تعيش وكم * تسحب ذيل الحياة يا لبد