فبهت أبو حنيفة من ذلك.
الرضا عليه السلام روى عنه الخاص والعام أحاديث في التفسير والكلام، فروى عنه داود بن سليمان: الإيمان عقد بالجنان، وإقرار باللسان، وعمل بالأركان، ولما سار إلى خراسان أخذ الناس عنه كثيرا من هذا الشأن، وروى عن النبي صلى الله عليه وآله من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة لكن بشروطها، وأنا من شروطها، يعني معرفة الإمام.
الجواد عليه السلام له رجال أخذوا عنه المعلوم وظهر فضله على العموم، ولما عزم على تزويجه المأمون، لامه العباسيون فأجابهم بغزارة علمه، فقالوا: متى جمع ذلك على صغر سنه؟ فقال المأمون: هؤلاء قوم موادهم من الله سبحانه، فإن أردتم فامتحنوه.
فاجتمعوا على يحيى بن أكثم، فسأله عن محرم قتل صيدا فقال عليه السلام: في الحل أو الحرم؟ عالما أو جاهلا؟ عمدا أو خطأ؟ حرا أو عبدا؟ صغيرا أو كبيرا؟ من ذوات الطير أو غيرها؟ من صغار الصيد أم كبارها، مصرا أم نادما؟ ليلا أم نهارا؟ فلم يدر ابن أكثم ما يقول، فقال المأمون: الآن صح ما أخذتم به، فعند ذلك زوجه ابنته أم الفضل، وطلب تفسير ذلك ففسره، وأمر أن يسأل ابن أكثم فقال: سل!
إن عرفت أجبتك، وإلا استفدت منك، فسأله عن جارية حلت وحرمت مرارا فلم يدر، ففسر له ذلك، وهي مشهورة.
فقال المأمون: إن أهل هذا البيت خصوا بالكمال من الصبي، ألا ترون أن رسول الله صلى الله عليه وآله افتتح دعوته بعلي، وهو ابن عشر سنين، وباهل بالحسن والحسين، وهما دون ست سنين.
والهادي والعسكري ظهر منهما ما ظهر من آبائهما، وقد خرج عن العسكري الرسالة المقنعة تشتمل على معظم الأحكام، وذكر الحميري في كتاب المكاتبات رجال العسكري عليه السلام.
وأما الإمام المهدي فسيأتي عنه شئ من ذلك في بابه إن شاء الله تعالى.
إن قيل: من أين لهم هذه العلوم؟ قلنا: من جدهم، فقد ورد عنهم: عندنا