تنبيه: إذا كان علي خير البرية لعموم اللفظ، وجب ترك غيره والتعويل عليه، لعموم الحاجة إليه، وإذا كان دين الاسلام لا يحصل العمل به إلا بعد تنفيذه، الموقوف على نصرته عليه السلام ومحاماته، كان سببا للصغار والكبار في خلاصهم من عذاب النار فلذلك كان ثوابه أفضل، وفضله أكمل، إن الخير من كان للثواب أحرز، لكونه في أعمال الخير أحمز.
فلا يغرنكم قول عمر وابنه وعثمان وأبي هريرة والحسن البصري وعمرو بن عبيد والنظام والجاحظ بأفضلية أبي بكر لاستنادهم إلى هوى أنفسهم وميلهم إلى عاجلتهم إذ لم يوجد له فضل في كتاب ربهم، وسنة نبيهم، وإن وجد فعلى الطريقة النادرة لا تقاوم أدنى ما لعلي من المزايا المتظاهرة، مع أن قولهم معارض بقول الزبير، والمقداد، وسلمان، وعمار، وجابر، وحذيفة، وعطا، ومجاهد، وسلمة وأبي عبد الله البصري، وسليمان بن جرير الرقي، ومن تابعه، وابن التمار، و من تابعه، وكثير النوا، وسالم بن أبي حفصة، والحكم بن عتيبة، وثابت الحداد بأفضلية علي وهو اختيار البغداديين كافة، والشيعة بأجمعها، والحجة في إجماعها لدخول المعصوم فيها، وقد ذكرته الإمامية في كتبها، واعتمد المرتضى في كتاب الانتصار عليه.
وبالجملة: فالفضائل إما نفسية متعلقة بالشخص نفسه، أو في غيره، وإما بدنية متعلقة بنفسه أو غيره، فالنفسية المتعلقة به، فكعلمه، وحلمه، وزهده، و كرمه، والمتعلقة بغير فكرجوع أرباب العلوم والقضايا إليه، والبدنية المتعلقة بنفسه فكعبادته، وشجاعته، وصدقه، والمتعلقة بغيره فمتابعته في عبادته والتأسي به ولا خفاء في اختصاصه عليه السلام بهذه دون غيره، ومعيار ذلك تفاسير القبيلين، وأخبار الخصمين، وقد امتلأت نواحي الأقطار، بالانشاء في ذلك من الأشعار، ولم يأت عليها من الانكار، قال الفضل بن عتبة بن أبي لهب:
ألا إن خير الناس بعد محمد * مهيمنه التاليه في العرف والنكر