فلم يزالوا به حتى عدلوه عنه، وآمن به لبيد وترك الشعر تعظيما للقرآن وقيل: له ما فعلت بقصيدتك: (عفت الديار محلها ومقامها؟) فقال لهم: أبدلني الله بها البقرة وآل عمران.
15 - يجوز كون ترك المعارضة للجهل بطريقتها لا للعجز عنها. قلنا: بل طريقها كان معروفا عندهم مسلوكا لهم، وهم دهاة العرب وذكاتها، وقد عارض امرء القيس عقله للعجز عنها إن قيل: أخطأوا طريقها كما أخطأوه في عبادة الأصنام، قلنا:
طريق عبادتها الدلالة التي لم يجز (1) الخطأ فيها، وطريق المعارضة الضرورة فيمتنع الخطاء فيها.
قيل: وفي القرآن أقاصيص ولم يكونوا من أهلها قلنا: وفيه غيرها فلم لم يأتوا بمثلها وقد كان عندهم الكتابيون وكانوا أهل قصص، فلم لا تعلموها وقد طلبوا أخبار رستم واسفنديار، وحاولوا أن يعارضوا بها.
إن قيل: منعهم الحياء والورع. قلنا: كيف ذلك وقد أظهروا عداوته وشتمه وقذفه وهجوه.
إن قيل: فلعلهم لم يتفكروا فيعلموا أن المعارضة أنجع وأنفع، قلنا، لا، فإن ذلك مركوز في بداهة العقول.
16 - يجوز ترك المعارضة مع الداعي إليها، لأنه غير ملجأ، قلنا: لا بد من وقوعها قطعا لتوفر الدواعي إلى فعلها، لما فيها من تخفيف التكليف، بل عدمه بالكلية، حتى قيل إنهم تيقنوه، فلما استثقلوا التكليف جحدوه.
17 - يجوز وقوع المعارضة ولم تنقل، قلنا فالنبي لم يمنع أحدا منها مع توفر الدواعي إليها.
18 - القارئ آت بالمثل فهو معارض. قلنا: لا، فإن من أنشد قصيدة لغيره لا يسمى معارضا له ومن ثم جعل أبو الهذيل الحكاية نفس المحكي، لئلا يكون معارضا ونبطله أن المحكي معدوم فلا يعاد.