ومنه ﴿كتب في قلوبهم الإيمان﴾ (١) قلنا: علامة يعرفون بها.
ومنه (ومن يضلل الله فما له من هاد) ونظائرها. (٢) قلنا: الضلال يكون في الدنيا بمنع الألطاف جزاء على الكفران ويكون في الآخرة بالأخذ عن طريق الجنة والاهتداء يقابلهما، وقد يضاف الضلال إليه لوقوعه عند تكليفه كما أضيف الرجس إلى السورة والنفور إلى الرسول (٣) وقد يقال (أضل الله الانسان) إذا وجده ضالا، يقال أجدبت المنزل وأقفرت الدار، إذا وجدتهما كذلك. قال عمرو بن معدي كرب: (قاتلنا بني سليم فما أجبناهم، وسألناهم فما أبخلناهم، وهاجيناهم فما أفحمناهم) (٤) وقد نسب الله إضلال الدين إلى غيره:
﴿فأضلهم السامري، وأضل فرعون قومه، ويريد الشيطان أن يضلهم﴾ (٥) وأضاف إلى نفسه ضلال المستحق: (ويضل الله الظالمين، وما يضل به إلا الفاسقين) (٦) ولو جاز منه الاضلال عن الدين لم يخص به الظالمين.
ومنه ﴿ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله﴾ (7) فنهى عن الشئ وهو يعم الطاعة والمعصية إلا مع التعليق بمشيئته، ولو كان لا يريد المعصية لكان من قال (لأعصينك غدا إن شاء الله) كاذبا حانثا، إذا لم يفعل، لأن الله قد شاء ذلك فلم يؤثر الاستثناء في المشيئة، ولما لم يكن حانثا بالاجماع كان الله مريدا للعصيان.
قلنا: قال المرتضى رحمه الله: الاستثناء يكون للايقاف كالداخل في العقود وللتسهيل مثل (لأقضينك غدا إن شاء الله) أي إن لطف، وهذا ليس على حقيقة الاستثناء فلا حجة لهم فيه كما ذكروه.