ومن آيات العدل ﴿ولا يرضى لعباده الكفر، ولا يأمر بالفحشاء، الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء، إن علينا للهدى، إنا هديناه السبيل، ومكروا ومكر الله، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل﴾ (١) ولفظ (على) يدل على الاستحقاق وبالجملة فلا يكاد أكثر القرآن المجيد يخلو من ذكر اختيار العبد، فالمخالف تمسك بما نهى الله عنه فقال: ﴿فأما الذين في قلوبهم مرض فيتبعون ما تشابه منه﴾ (٢) ثم نقول لهم: ما تريدون أنتم من الكفار؟ فإن قالوا الكفر كفاهم ذلك النكر. وإن قالوا: الإيمان، قلنا: أيما أفضل ما أردتم من الإيمان أو ما أراد الله من الكفران؟ فإن قالوا: ما أراد الله، لزم كون الكفر خيرا من الإيمان. وإن قالوا ما أردنا لزم كونهم أولى بالخير من ربنا. ثم نقول: أيجب على العباد اتباع مراد الله أو مرادكم؟ فإن قالوا مراد الله، لزمهم وجوب الكفر على العباد، وإن قالوا مرادنا دون مراد الله كفاهم بذلك خزيا وقبحا.
وسنورد لك بعض ما تمسكوا به لتقف منه على بطلانه منه قوله تعالى: (وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه) (٣).
قلنا: أمر واجب لا أنه ألزم، وإلا لانتفت قدرته حيث لم يقع ما ألزمه.
ومنه ﴿إلا امرأته قدرناها من الغابرين﴾ (4).
قلنا: كتبناها لا ألزمناها.
ومنه (وقدر فيها أقواتها، وقدرنا فيها السير) (5).
قلنا: علمها وعلم ما عليها من ثواب وعقاب.