سؤال: كيف يستعفي وهو لا ينطق عن الهوى، فكأن الله أمره بشئ و أمره بالاستعفاء منه.
جواب: لا محال في ذلك، وتكون الفائدة فهم الحاضرين شدة التأكيد من الرب المجيد، ليعلمهم أنه لا بدل له ولا عنه محيد، ويماثله ما فعله النبي صلى الله عليه وآله من إرساله لأبي بكر بسورة براءة وذلك بأمر الله لعموم الآية ثم أمره الله بعزله لينبه به على عدم صلاحه، ولو لم يبعثه أولا لم يكن فيه من التأكيد، ما كان في بعثه وعزله، وأما لفظ (ألست) فهي للتقرير والايجاب، منه:
ألستم خير من ركب المطايا * وأندى العالمين بطون راح وفي يوم الغدير نصب موسى يوشع وعيسى شمعون وسليمان آصف فأمر الله تعالى محمدا صلى الله عليه وآله أن ينصب فيه عليا وهذا يسقط كل ما يهولون به من أنه أراد غير معنى الإمامة.
تذنيب آخر:
قال الجوزي لأبي هارون الخارجي أمروا - الناس - بخمسة فعملوا بأربع:
الصلاة، والزكاة، والحج، والصيام، وتركوا الخامسة وهي الولاية لعلي قال الخارجي وإنها لمفترضة؟ قال: نعم، قال الخارجي: فقد كفر الناس إذا قال فما ذنبي أنا؟
ومنها قوله صلى الله عليه وآله حين خرج إلى تبوك فقال المنافقون: إنما خلفه استثقالا به، فلحقه فأخبره فقال صلى الله عليه وآله: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، ولا يرتاب عاقل أن منزلة هارون من موسى أعظم من غيره من أصحابه، فكذا علي من النبي صلى الله عليه وآله فهو أولى بالإمامة من غيره.
وقد أخرج صاحب جامع الأصول في صحيح النسائي عن علي عليه السلام (كان لي من النبي صلى الله عليه وآله منزلة لم تكن لأحد) ولو عرف النبي صلى الله عليه وآله مسد غيره عنه مما عساه يعرض من أعدائه في المدينة، لاستخلف غيره، ولو عرف مسد غيره في غزواته، لاستخلفه دائما ولو علم في تبوك حربا لم يتركه.