ومما حملني على تقديم النظر في اعتقاد هذه الفرقة الشيعة إني ما رأيتهم أحدثوا لأنفسهم ولأديانهم من يقتدون به، وإنما حفظوا الطريق الأول واقتدوا بنبيهم وخواص أهل بيته، وقد استحسنت هذا الاختيار من الفرقة.
ولقد لقيت جماعة من علمائهم وسألتهم عن اعتقادهم، فقالوا: ما نكلفك تقليدنا بغير حجة وقد حكمناك في حال إنصافك أن تنظر في كتبنا وتلقى من تقوم به الحجة من علمائنا، فإن كتبنا المصنفة في أصول الدين وأصول الفقه وفي الشريعة وفي العبادات والآداب والدعوات واللغة والسير وتفاسير القرآن والأخبار وغير ذلك في سائر العلوم والآثار الدينية ما لا نقدر على حصرها لك بقلم ولا بلسان لافتراقها في البلدان وكثرة المصنفين لها في كل زمان. ولنا كتب مجلدة كبار فيها أسماء المصنفين من أصحابنا المتقدمين وعدد بعض تصانيفهم أو كلها وفيهم من له ألف مصنف وفيهم من له أقل أو أكثر، وإذا كان أسماء مصنفي كتبنا مجلدات فكم يكون عدد تصانيفهم وعدد من لم يصنف من علمائهم، فاطلب ما تريد من تلك التصانيف فإنك تجد فيها من الأدلة الواضحة والبراهين اللائحة ما يصونك عن خطر التقليد ويوجب لك الاعتقاد بها والعمل بها. فإننا رجعنا في الأمور العقلية الاستعانة بالله ونزهناها عن الأهواء المضلة والأغراض المزلة ومن حب المنشأ وتقليد الرجال وطلبنا الحق أين كان وعلى كل حال، فظفرنا الله وله الحمد بالحق الذي يشهد ظاهره لباطنه ومفصله لمجمله، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله بألطافه المتواترة وعنايته المتظاهرة وأما ما كان من علم الشريعة المحمدية فإننا أخذناه عن نبينا وخواص أهل بيته الذين عرفنا حقيقة عصمتهم وطهارتهم وأمنا من غلطهم وسهوهم واختلافهم، وأمرنا الله ورسوله بالقبول منهم والأخذ عنهم، فأرشدونا إلى سبيل الصالح