كذبة في قول ولا خطأ في فعل، ولقد قرن (1) الله به من لدن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته يسلك به سبيل المكارم ومحاسن الأخلاق العالم ليله ونهاره، ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل أثر أمه، يرفع كل يوم لي علما من أخلاقه ويأمرني بالاقتداء به، ولقد كان يجاوز في كل سنة بحرا فأراه ولا يراه غيري، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله " ص " وخديجة وأنا ثالثهما، أرى نور الوحي والرسالة وأشم ريح النبوة، ولقد سمعت رنة الشيطان حتى نزل الوحي عليه فقلت: يا رسول الله ما هذه الرنة؟ فقال: هذا الشيطان قد أيس من عبادته إنك تسمع ما أسمع وترى ما أرى إلا أنك لست بنبي ولكنك وزير وإنك لعلى خير، ولقد كنت معه " ص " لما أتاه الملأ من قريش فقالوا له: يا محمد إنك قد ادعيت عظيما لم يدعه آباؤك ولا أحد من بيتك ونحن نسألك أمرا إن أجبتنا إليه وأريتناه، علمنا أنك نبي ورسول، وإن لم تفعل علمنا أنك ساحر كذاب فقال لهم " ص ": وما تسألون؟ قالوا: تدعو لنا هذه الشجرة حتى تنقلع بعروقها وتقف بين يديك فقال " ص " إن الله على كل شئ قدير فإن فعل الله ذلك لكم تؤمنون وتشهدون بالحق؟ قالوا: نعم فقال " ص ": سأريكم ما تطلبون وإني لا علم أنكم ما تفيئون إلى خير وإن فيكم من يطرح في القليب ومن يحزب الأحزاب، ثم قال: يا أيتها الشجرة إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر وتعلمين أني رسول الله فانقلعي بعروقك حتى تقفي بين يدي بإذن الله، فوالذي بعثه بالحق لانقلعت بعروقها وجاءت ولها دوي عظيم شديد وقصف كقصف أجنحة الطير حتى وقفت بين يدي رسول الله " ص " وألقت بعضها الأعلى على رسول الله وبعض أغصانها على منكبي وكنت عن يمينه، نظر القوم إلى ذلك قالوا:
علوا واستكبارا فمرها فليأتك نصفها ويبقى نصفها فأمرها بذلك فأقبل إليه نصفها كأعجب