بشهادة امرأتين دون رجل.
فأرسل أبو بكر إلى فاطمة عليها السلام فأعلمها بذلك، فحلفت بالله الذي لا إله إلا هو أنهم ما شهدوا إلا بالحق. فقال أبو بكر: فلعل أن تكوني صادقة ولكن أحضري شاهدا لا يجر إلى نفسه. فقالت فاطمة: ألم تسمعا من أبي رسول الله " ص " يقول: أسماء بنت عميس وأم أيمن من أهل الجنة؟ فقالا: بلى. فقالت:
امرأتان من الجنة تشهدان بباطل! فانصرفت صارخة تنادي أباها وتقول: قد أخبرني أبي بأني أول من يلحق به، فوالله لأشكونهما، فلم تلبث أن مرضت فأوصت عليا أن لا يصليا عليها وهجرتهما فلم تكلمهما حتى ماتت، فدفنها علي عليه السلام والعباس ليلا.
فدفع المأمون الجماعة عن مجلسه اليوم، ثم أحضر في اليوم الآخر ألف رجل من أهل الفقه والعلم وشرح لهم الحال وأمرهم بتقوى الله ومراقبته، فتناظروا واستظهروا ثم افترقوا فرقتين، فقالت طائفة منهم: الزوج عندنا جار إلى نفسه فلا شهادة له ولكنا نرى يمين فاطمة قد أوجبت لها ما ادعت مع شهادة الامرأتين، وقالت طائفة: نرى اليمين مع الشهادة لا توجب حكما ولكن شهادة الزوج عندنا جائزة ولا نراه جارا إلى نفسه، فقد وجب بشهادته مع شهادة الامرأتين لفاطمة عليها السلام ما ادعت، فكان اختلاف الطائفتين إجماعا منهما على استحقاق فاطمة عليها السلام فدك والعوالي.
فسألهم المأمون بعد ذلك عن فضائل لعلي بن أبي طالب عليه السلام، فذكروا منها طرفا جليلة قد تضمنه رسالة المأمون، وسألهم عن فاطمة عليها السلام فرووا لها عن أبيها فضائل جميلة، وسألهم عن أم أيمن وأسماء بنت عميس فرووا عن نبيهم محمد " ص " إنهما من أهل الجنة، فقال المأمون: أيجوز أن يقال أو يعتقد أن علي بن أبي طالب مع ورعه وزهده يشهد لفاطمة بغير حق؟ وقد