أنه ما خرج أبدا إلا وأمر من يصلي بالناس.
من ذلك ما رووا أن رسول الله " ص " خرج وعين للصلاة أبا لبابة المكنى بأبي منذر، وكان يصلي بالناس حتى رجع رسول الله من غزاة بدر، واستخلف عام الفتح ابن أم مكتوم الأعمى فلم يزل يصلي بالناس حتى رجع النبي، واستخلف في غزاة أحد أبا ذر الغفاري، واستخلف في غزاة الحديبية ساع بن عرقطة واستخلف في غزاة تبوك علي بن أبي طالب عليه السلام وأمر ابن أم مكتوم أن يصلي بهم، واستخلف في غزاة وردان سعد بن عبادة، واستخلف في غزاة نواط سعد بن معاذ، وفي طلب كرب بن جابر الفهري زيد حارثة وفي غزاة الفترة أبا سلمة بن الأسد المخزومي، وفي غزاة قيقاع أبا لبابة وهي غزاة المبلك ابن أم مكتوم، وفي غزاة رادم عثمان بن عفان، وفي غزاة البدر الموعد عبد الله بن رواحة، فهل اقتضى خلافة أو أمارة؟ ولو كان ذلك يقتضي خلافة أو إمارة لكان المسلمون يحكمون بالخلافات والإمارات لكل من أمره أن يكون إماما في الصلاة، ولكانوا ما يرجعون عن ذلك إلا أن يقول لهم النبي " ص " ما قصدت بذلك، ولو كان ذلك تقتضي خلافة أو أمارة لذكره أبو بكر يوم السقيفة أو ذكره أحد غيره، فأي فضيلة تبقى في هذا الحديث لو صح وسلم من الخلل والفساد؟ وكيف خفى عن أهل النظر والانتقاد.
ومن طرائف يدل على أن أولئك المسلمين ما كانوا يراعون إذن نبيهم " ص " في القيام مقامه في الصلاة بالناس، أو أنهم كانوا يعتقدون ذلك ويقدمون على ترك إذنه، ما رواه الحميدي في الجمع بين الصحيحين في المتفق عليه من مسند المغيرة بن شعبة في الحديث الأول قال المغيرة: برز رسول الله " ص " قبل الغائط فحملت معه أداوة قبل صلاة الفحر، فلما رجع رسول الله توضأ للصلاة، ووصف المغيرة الوضوء ثم قال المغيرة: فأقبلت معه حتى نجد الناس قد قدموا