جل جلاله يطبخه بحرارة المعدة وبقدرته حتى يصير صالحا لتفريقه في الجوارح والأعضاء فيبعث جل جلاله لكل جارحه ولكل عضو بقدر حاجته من غير زيادة فتكون الزيادة ضررا عليه أو نقيصه فتكون سقما وضعفا وخطرا لا يقوى العبد أقول ولو أن الله تعالى عرف العبد ما يحتاج كل عضو إليه ومكنه من قسمه ذلك على أعضائه عجز عنه وكره الحياة لأجل المشقة التي تدخل بذلك عليه وكيف يحل أو يليق بالتوفيق أن يكون ذاهلا وغافلا عمن كفاه هذا المهم العظيم وتولاه جل جلاله بنفسه وهو جل جلاله أعظم من كل عظيم أقول وينبغي أن يكون ذاكرا وشاكرا كيف استخلص من الطعام ما لا يصلح للأعضاء والجوارح وافرده جل جلاله وساقه بيد القدرة وأخرجه في طرقه والعبد في غفلة عن تدبير هذه المصالح أقول ولو أن العبد أنصف من نفسه مولاه ومالك دنياه واخراه ومن أنشأه وربه وستر عمله القبيح عن أعين الناظرين وغطاه ورأى بعين عقله كيف امساك الله جل جلاله للسماوات والأرضين لأجل العبد الضعيف وكيف امساكه لوجوده وحياته وعقله ونفسه وعافيته بتدبيره المقدس الشريف ما كان العبد على هذه الحال من الاهمال وسوء الأعمال والاشتغال بما يضره أو بما لا ينفعه من جميع منافعه منه وكيف استحسن لنفسه الاعراض عنه أقول واعلم اننا روينا من كتاب مسائل الرجال لمولانا أبي الحسن علي بن محمد الهادي (ع) قال محمد بن الحسن قال محمد بن هارون الجلاب قلت له روينا عن آبائك انه يأتي على الناس زمان لا يكون شئ أعز من أخ أنيس أو كسب درهم من حلال فقال لي يا أبا محمد ان العزيز موجود ولكنك في زمان ليس شئ أعسر من درهم حلال وأخ في الله عز وجل
(٥٨)