فقال الباقر (عليه السلام): من فيكم يأتيني بجابر بن عبد الله محجوبا قد كف بصره، فحضر وسلم على الباقر (عليه السلام)، فسلم عليه وأجلسه إلى جانبه، وقال له يا جابر، عندي رجلان ذكر أن عليا (عليه السلام) رضي بإمامة من تقدمه، فسألهما ما الحجة في ذلك؟
فذكرا له حديث خولة، فبكى جابر، حتى أخضلت لحيته بالدموع.
ثم قال: والله يا مولاي، إني خشيت أن أفارق الدنيا، ولا أسأل عن هذه المسألة، وإني والله قد كنت جالسا إلى جنب أبي بكر، وقد أتت حنفية مع هاني بن نويرة من قبل خالد بن الوليد، وبينهم جارية مراهقة، فلما دخلت المسجد، قالت: أيها الناس ما فعل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قالوا: قبض.
قالت: فهل له بنية نقصدها؟
فقالوا: نعم هذه تربته وبنيته، فنادت وقالت: السلام عليك يا رسول الله، أشهد أنك تسمع كلامي، وتقدر على رد جوابي وإنا سبينا من بعدك ونحن نشهد أن لا إله إلا الله، وأنك محمد رسول الله.
فجلست، ووثب رجلان من المهاجرين والأنصار: أحدهما، طلحة، والآخر:
الزبير، وطرحا عليها ثوبيهما.
فقالت: ما بالكم يا معاشر العرب، تصونون حلائلكم وتهتكون حلائل غيركم؟
فقيل لها: لأنكم قلتم: لا نصلي (ولا نصوم) (1) ولا نزكي فقالت: ليس الأمر على ما زعمتم، إنما قلنا: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يبعث كل سنة رجلا يأخذ منا صدقاتنا من الأغنياء من جملتنا، يفرقها على فقرائنا.
فافعل أنت كذلك فقال الرجلان اللذان طرحا عليها ثوبيهما: إنا لغالون في ثمنك.