فلما رأوه نهضوا على أقدامهم، فقال لهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): كونوا على مجالسكم، فجلسوا فلما استقر بهم المجلس قام الغلام الأمرد قائما على قدميه من دون أصحابه وقال: أيها الناس: أيكم الراهب إذا انسدل الليل والظلام؟ من منكم نور الظلام؟
من أيكم مكسر الأصنام؟ وأيكم ساتر عورات الاسلام؟ أيكم الساتر عورات النساء؟
أيكم الشاكر لما أولاه المنان؟ أيكم الصابر يوم الضرب والطعان؟
أيكم منكس رؤوس الفرسان؟ أيكم أخو محمد معدن الإيمان؟
أيكم وصيه الذي نصر به دينه على سائر الأديان؟
أيكم علي بن أبي طالب (عليه السلام).
فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): يا علي، أجب الغلام الذي هو في وصفك علام، وقم في حاجته فعند ذلك قال علي (عليه السلام): ادن مني يا غلام حتى أعطيك سؤلك والمرام، أكشف ما بك من الآلام، بعون رب الأنام (1) انطق بحاجتك، فأنا أبلغك أمنيتك ليعلم المسلمون أني سفينة العلم والنجاة، وعصا موسى والكلمة الكبرى، والنبأ العظيم، والصراط المستقيم.
قال الغلام: إن معي أخا وكان مولعا بالصيد فخرج ذات يوم متصيدا فعارضته بقرات وحش، وهي عشر فرمى إحداهن فقتلها، فانفلج في الوقت والحال، حتى فقد كلامه، ولا عاد يكلمنا إلا إيماء، وقد بلغنا أن صاحبك يدفع عنه ما نزل به، فإن شفى صاحبنا صاحبكم آمنا به فنحن فينا النجدة، والبأس، والقوة، والمراس، ولنا الخيل والإبل، والذهب والفضة، والمضارب العالية.