فضربوه على وجهه فانهزم وتعلل، ثم سار النبي صلى الله عليه وآله بنفسه إلى الطائف فحاصرهم أياما، ثم أنفذ عليا (ع) في خيل فبرز شهاب بن عبيس فقام إليه علي فوثب أبو العاص ابن الربيع وزوج بنت النبي فقال: أنا كفؤه أيها الأمير، فقال: لا ولكن إن قتلت فأنت على الناس، فبرز إليه علي (ع) فقتله ومضى حتى كسر الأصنام، فلما انصرف إلى النبي صلى الله عليه وآله ناجاه، القصة.
قال محمد بن إسحاق: كان حاصرهم ثلاثين ليلة فنزل منهم أبو بكرة والمبيعث وفدان في جماعة وأسلموا، فلما قدم وفد الطائف قالوا: رد علينا رقيقنا الذين أتوك، فقال: أولئك عتقاء الله.
سنة تسع في رجب نزل: (انفروا خفافا وثقالا) الآية، فخطب صلى الله عليه وآله ورغب في المواساة لجيش العسرة، فأنفق العباس وعثمان و عبد الرحمن وطلحة والزبير وغيرهم فنزل: واستفرز ليعلم سائر الصحابة بشدة القيظ وقلة الماء واتساق الامر بلا قتال، فقصد نحو الروم إلى مدينة تبوك، وقيل هو من البوك لأنهم كانوا يبوكون الأرض للماء حتى أن بعضهم كان يقتل فرسه ويمص أحشاه، واستخلف عليا (ع) في أهله وقال: يا علي ان المدينة لا تصلح إلا بي أو بك، وذلك لشفقته عليها من أعدائها، ونصه عليه بالقيام بعده، فعظم ذلك إلا على الأنصار، فضرب النبي صلى الله عليه وآله عسكره فوق ثنية الوداع فأبطأ أكثرهم فنزل: (ألا تنفروا يعذبكم)، فسار حتى نزل الجرف فرجع عبد الله بن أبي بغير إذن، فقال: (هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم) الآية، ويقال انه حلف للتعذر فنزل: (سيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم)، واستأذنه بعض بني غفار في التأخر فنزل: (وجاء المعذرون) إلى قوله:
(كاذبين)، واستأذنه جد بن قيس ومعتب بن قشير وأصحابهما من المنافقين وكانوا ثمانين رجلا، وكان جد بن قيس أظهر شبقة بالنساء فنزل (ومنهم من يقول ائذن لي) وقال منافق لصحبه: لا تنفروا في الحر، فنزل: (قل نار جهنم أشد حرا) وقال آخر: انه اغتر بحرب العرب وليس الروم كذلك، فنزل: (ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض). وأتاه البكاؤن وهم: معقل بن يسار وصخر بن خنسا و عبد الله بن كعب وعلية بن زيد وسالم بن عمير وثعلبة بن عتمة و عبد الله بن معقل وسألوا دوابا أو بغالا أو خفافا فلم يجد فانصرفوا وهم يبكون، فنزل: (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم).
وقال الزهري: نزل في تخلف عبد الله بن كعب بن مالك وهلال بن أمية ومرارة