مقال علي؟ قال: لا، قالوا: لعب بك الرجل.
ثم سار صلى الله عليه وآله حتى نزل مر الظهران فخرج في تلك الليلة أبو سفيان وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء هل يسمعون خبرا. وقد كان العباس يتلقى النبي صلى الله عليه وآله ومعه أبو سفيان بن الحارث و عبد الله بن أمية وقد تلقاه بثنية العقاب والنبي في فتية، فدخل العباس عليه وقال: بأبي أنت وأمي هذا ابن عمك قد جاء تائبا وابن عمتك، قال: لا حاجة لي فيهما ان ابن عمي انتهك عرضي واما ابن عمتي فهو الذي يقول بمكة لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا، وقالت أم سلمة فيهما، فنادى أبو سفيان كن لنا كما قال العبد الصالح: لا تثريب عليكم اليوم، فدعا لهما وقبل منهما. وقال العباس هو والله هلاك قريش إن دخلها عنوة، فركب بغلة النبي صلى الله عليه وآله البيضاء ليطلب الخطابة أو صاحب لين يأمره ان يأتي قريشا فيركبون إليه ويستأمنون إليه، إذ سمع أبا سفيان يقول لبديل وحكيم: ما هذه النيران؟ قال: هذه خزاعة، قال: خزاعة أقل من هذه فلعل هذه تميم أو ربيعة، فعرف العباس صوت أبي سفيان وناداه وعرفه الحال، قال: فما الحيلة؟ قال: تركب في عجز هذه البغلة فأستأمن لك رسول الله ففعل فكال يجتاز على نار بعد نار فانتهى إلى عمر فسبقهما إلى النبي صلى الله عليه وآله وقال: هذا أبو سفيان قد أمكنك الله منه بغير عهد فدعني أضرب عنقه، فقال العباس: يا رسول الله أبو سفيان وقد أجرته، قال: ادخله فدخل فقام بين يديه فقال: ويحك يا أبا سفيان أما آن لك ان تشهد ان لا إله إلا الله واني رسول الله فتلجلج لسانه وعلي يقصده بسيفه والنبي محدق بعلي، فقال العباس: يضرب والله عنقك الساعة أو تشهد الشهادتين، فأسلم اضطرارا، فقال له النبي: عند من تكون الليلة؟ قال: عند أبي الفضل فسلمه إليه، فلما أصبح سمع بلالا يؤذن قال: ما هذا المنادي؟ ورأي النبي صلى الله عليه وآله وهو يتوضأ وأيدي المسلمين تحت شعره يستشفون بالقطرات فقال: تالله ان رأيت كاليوم كسرى وقيصر، فلما صلى النبي قال: يا رسول الله اني أحب ان تأذن لي ان اذهب إلى قومي فأنذرهم وأدعوهم إلى الحق، فأذن له، فقال العباس: ان أبا سفيان رجل يحب الفخر فلو خصصته بمعروف، فقال صلى الله عليه وآله: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ثم قال:
ومن أغلق بابه فهو آمن، فلما ذهب أبو سفيان قال النبي للعباس: ادركه واحبسه في مضايق الوادي حتى تمر به جنود الله، فرأى خالد بن الوليد في المقدمة، والزبير في جهينة، وأشجع وأبا عبيدة في أسلم ومزينة، والنبي صلى الله عليه وآله في الأنصار، وسعد ابن عبادة في يده راية النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا أبا حنظلة