سبعون الف ملك فسلم عليهم فبشروه فإذا معهم دابة فوق الحمار ودون البغل خده كخد الانسان وقوائمه كقوائم البعير وعرفه كعرف الفرس وذنبه كذنب البقر رجلاها أطول من يديها ولها جناحان من فخذيه خطوتها مد البصر وإذا عليها الجام من ياقوتة حمراء، فلما أراد أن يركب امتنعت فقال جبرئيل: انه محمد، فتواضعت حتى لصقت بالأرض فأخذ جبرئيل بلجامها وميكائيل بركابها فركب، إذا هبطت ارتفعت يداها وإذا صعدت ارتفعت رجلاها فنفرت العير من دفيف البراق ينادي رجل في آخر العير: ان يا فلان ان الإبل قد نفرت وان فلانة ألقت حملها وانكسرت يدها، فلما كان ببطن البلقاء، عطش فإذا لهم ماء في آنية فشرب منه والقى الباقي، فبينا هو في مسيره إذ نودي عن يمين الطريق: يا محمد على رسلك، ثم نودي عن يساره: على رسلك فإذا هو بامرأة استقبلته وعليها من الحسن والجمال ما لم ير لاحد وقالت: قف مكانك حتى أخبرك، ففسر له إبراهيم الخليل لما رآه جميع ذلك فقال: منادي اليمين داعية اليهود فلو أجبته لتهودت أمتك ومنادي اليسار داعية النصارى فلو أجبته لتنصرت أمتك والمرأة المتزينة هي الدنيا تمثلت لك لو أجبتها لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة، فجاء جبرئيل إلى بيت المقدس فرفعها فأخرج من تحتها ثلاثة أقداح: قدحا من لبن وقدحا من عسل وقدحا من خمر فناوله من قدح اللبن فشرب فناوله قدح العسل فشرب ثم ناوله قدح الخمر فقال: قد رويت يا جبرئيل، فقال: أما انك لو شربته ضلت أمتك.
ابن عباس في خبر: وهبط مع جبرئيل ملك لم يطأ الأرض قط مع مفاتيح خزائن الأرض فقال: يا محمد ان ربك يقرئك السلام ويقول هذه مفاتيح الأرض فان شئت فكن نبيا عبدا وإن شئت فكن نبيا ملكا فقال: بل أكون نبيا عبدا، فإذا سلم من ذهب قوائمه من فضة مركب باللؤلؤ والياقوت يتلألأ نورا وأسفله على صخرة بيت المقدس ورأسه في السماء فقال له: اصعد يا محمد، فلما صعد إلى السماء رأى شيخا قاعدا تحت شجرة وحوله أطفال فقال جبرئيل (ع): هذا أبوك آدم إذا رأى من يدخل الجنة من ذريته ضحك وفرح وإذا رأى من يدخل النار من ذريته حزن وبكى، ورأي ملكا باسر (1) الوجه وبيده لوح مكتوب بخط من النور وخط من الظلمة فقال: هذا ملك الموت، ثم رأى ملكا قاعدا على كرسي فلم ير منه من البشر ما رأى من الملائكة فقال جبرئيل: هذا مالك خازن النار كان طلقا بشرا فلما اطلع على النار لم يضحك بعد فسأله أن يعرض