يوم على ناس شتى من قريش وعليه قميص مخرق، فقالوا: أصبح علي لا مال له، فسمعها علي (عليه السلام) فأمر الذي يلي صدقته أن يجمع تمره ولا يبعث إلى إنسان منه بشئ وأن يوفره ثم يبيعه الأول فالأول ويجعله دراهم ففعل ذلك وحملها إليه فجعلها حيث التمر، ثم قال للذي يقوم عليه: إذا دعوت بتمر فاصعد فاضرب المال برجلك كأنك لا تعمد الدراهم حتى تنثرها، ثم بعث إلى رجل منهم يدعوه، ثم دعا بالتمر، فلما لم ير التمر ضرب برجله فانتثرت الدراهم، فقالوا: ما هذا المال يا أبا الحسن؟ قال: هذا مال من لا مال له، فلما خرجوا أمر بذلك المال، فقال: انظروا كل أهل بيت كنت أبعث إليهم من التمر فابعثوا إليهم من هذا المال بقدره، ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): لا أحب أن يرووا غير ذلك.
عن مختار التمار قال: كنت أبيت في مسجد الكوفة وأنزل في الرحبة (1) وآكل الخبز من البقال وكان من أهل البصرة، فخرجت ذات يوم فإذا رجل يصوت بي: ارفع ازارك فإنه أنقى لثوبك وأتقى لربك، فقلت: من هذا؟ فقيل: علي بن أبي طالب، فخرجت أتبعه وهو متوجه إلى سوق الإبل، فلما أتاها وقف وقال:
يا معشر التجار إياكم واليمين الفاجرة فإنها تنفق السلعة وتمحق البركة، ثم مضى حتى أتى إلى التمارين فإذا جارية تبكي على تمار، فقال: ما لك؟ قالت: إني أمة أرسلني أهلي أبتاع لهم بدرهم تمرا، فلما أتيتهم به لم يرضوه، فرددته، فأبى أن يقبله، فقال:
يا هذا خذ منها التمر ورد عليها درهمها، فأبى، فقيل للتمار: هذا علي بن أبي طالب، فقبل التمر ورد الدرهم على الجارية وقال: ما عرفتك يا أمير المؤمنين، فاغفر لي، فقال: يا معشر التجار اتقوا الله وأحسنوا مبايعتكم يغفر الله لنا ولكم. ثم مضى وأقبلت السماء بالمطر فدنا إلى حانوت فاستأذن صاحبه فلم يأذن له صاحب الحانوت ودفعه، فقال: يا قنبر أخرجه إلي، فعلاه بالدرة (2)، ثم قال: ما ضربتك لدفعك إياي ولكني ضربتك لئلا تدفع مسلما ضعيفا فتكسر بعض أعضائه فيلزمك. ثم مضى حتى أتى سوق الكرابيس، فإذا هو برجل وسيم فقال: يا هذا عندك ثوبان بخمسة دراهم؟ فوثب الرجل فقال: يا أمير المؤمنين عندي حاجتك، فلما عرفه مضى عنه،