وعادت القصور إلى ما كانت عليه واشتد اهتمامي بنفسي وعلمت ان وعده الحق فلم يمض الا ساعة كما حد لي حتى رأيت الجدران قد خرت إلى الأرض سجودا وإذا انا بسيدي (ع) قد عاد إلى مجلسه في الحبس وعاد الحديد إلى رجله فخررت ساجدا لوجهي بين يديه فقال ارفع رأسك يا مسيب واعلم أن سيدك راحل إلى الله عز وجل ثالث هذا اليوم الماضي قلت له مولاي وأين سيدي علي الرضا (ع) فقال يا مسيب مشاهد عندي غير غائب وحاضر غير بعيد قلت سيدي فإليه قصدت فقال (ع) قصعدت والله كل منتجب لله عز وجل على وجه الأرض شرقها وغربها حتى محبي من الجن في البراري والبحار ومخلصي الملائكة في مقامهم وصفوتهم فبكيت فقال (ع) لا تبك يا مسيب اننا نور لا يطفى ان غبت عنك هذا علي ابني بعدي هو انا فقلت الحمد لله ثم إن سيدي (ع) في ليلة يوم الثالث دعاني وقال يا مسيب ان سيدك يصبح في ليلة يومه على ما عرفتك إلى الرحيل إلى الله عز وجل مولاه الحق تقدست أسمائه فإذا دعوت بشربة ماء فشربتها ورأيتني قد اتنفخ بطني واصفر لوني واحمر واخضر وتلون ألوانا فخبر الطاغية بوفاتي وإياك ان تظهر على الحديث أحدا الا بعد وفاتي قال مسيب فلم أزل أترقب وعده حتى دعا بشربة ماء فشربها ثم دعاني فقال لي ان هذا الرجس سندي بن شاهك يقول إنه يتولى أمري ويدفنني لا يكون ذلك ابدا فإذا حملت إلى المقبرة المعروفة بمقابر قريش فألحدني بها ولا تعلوا على قبري علوا وتجنبوا زيارتي ولا تأخذوا من تربتي
(٩٤)