فلم أجد في القرآن شيئا يدل على ذلك، وفكر الحجاج مليا، ثم قال ليحيى: لعلك تريد قول الله عز وجل " فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم و أنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين " (1) وأن رسول الله صلى الله عليه وآله خرج للمباهلة ومعه علي وفاطمة والحسن والحسين.
قال الشعبي: فكأنما أهدى إلى قلبي سرورا، وقلت في نفسي: قد خلص يحيى، وكان الحجاج حافظا للقرآن. فقال له يحيى: والله إنها الحجة في ذلك البالغة، ولكني ليس منها أحتج لما قلت.
فاصفر وجه الحجاج، فأطرق مليا، ثم رفع رأسه إلى يحيى، وقال له: إن جئت من كتاب الله عز وجل بغيرها فلك عشرة [آلاف درهم] (2)، وان لم تأت بها فأنا في حل من دمك.
قال: نعم.
قال الشعبي: فغمني قوله وقلت في نفسي: لما كان في الذي نزع له الحجاج ما يحتج به يحيى ويرضى بأنه قد عرفه، وسبقه إليه، ويتخلص منه حتى رد عليه، فأفحمه، فإن جاءه بعد هذا بشئ لم آمن أن يدخل فيه عليه من القول ما يبطل به حجته، لأنه يريه أنه قد علم ما قد جهله هو.
فقال يحيى للحجاج: قول الله عز وجل " ومن ذريته داود و سليمان " (3) من عني بذلك؟