شرح الأخبار - القاضي النعمان المغربي - ج ٣ - الصفحة ٢٥٩
به الزهري ويذكر من فضله.
[1160] وكان علي بن الحسين عليه السلام يقول: الحلم هو الذل (1).
[1161] وقيل: إن جارية له كانت قائمة عليه توضئه، فسقط الإبريق من يدها على وجهه، فشجه، فنظر إليها، فقالت: يا مولاي إن الله عز وجل يقول: " والكاظمين الغيظ ".
قال عليه السلام: كظمت غيظي.
قالت: ويقول: " والعافين عن الناس ".
قال عليه السلام: قد عفوت عنك.

(١) إن الحلم من الصفات الحميدة التي تزين الانسان وترفعه من التسرع في مواجهته للمشاكل بما لا يحسن عواقبه، وتزيده رفعة وعلوا. وقد عد علماء الأخلاق أسبابا:
١ - الرحمة للجاهل: وهو من أكد أسباب الحلم.
٢ - الترفع عن السباب: وذلك من شرف النفس وعلو الهمة.
٣ - القدرة على الانتصار: وذلك من سعة الصدر، وحسن الثقة.
4 - الاستهانة بالمحلوم عنه، وفيه قال عمر بن علي:
سكت عن السفيه فظن أني * عييت عن الجواب وما عييت إذا نطق السفيه فلا تجبه * فأحسن من اجابته السكوت 5 - الاستحياء من الجواب: وهذا من صيانة النفس وكمال المروءة.
6 - التفضل على السباب: وهو في نهاية الكرم وعلو الهمة وحب التفضل والتألف.
7 - استكفاف السباب وقطع الجواب: وهذا يكون من الحزم.
8 - الوفاء ليد سالفه وحرمة لازمه: وهذا يكون من الوفاء وحسن العهد.
9 - الخوف من العقوبة على الجواب: وهذا من ضعف النفس وربما اقتضاء الحزم.
10 - المكر وتوقع الفرص الخفية: وهذا من الدهاء.
11 - قصد ايلامه وتزايد غضبه بالسكوت عنه.
فإذا عدم أحد هذه الأسباب كان ذلا لا حلما. والى هذا المعنى يشير الإمام زين العابدين عليه السلام بقوله: الحلم هو الذل. فالحلم: هو ضبط النفس عن هيجان الغضب. فإذا فقد الغضب بعد سماع ما يغضب كان ذلك من ذل النفس ومهانتها وقلة الحمية وفقد الشجاعة والغيرة. قال الشاعر:
أرى الحلم في بعض المواضع ذلة * وفي بعضها عزا يسود فاعله
(٢٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 ... » »»
الفهرست