بدا لي اني لست مدرك ما مضى * ولا سابق شيئا إذا كان جائيا على توهم دخول الباء في الخبر، لكثرة دخولها فيه فجر (سابق).
وقال سيبويه: يجوز في قولهم: قام القوم غير زيد وعمرو، نصب عمرو على التوهم لأن غير زيد في موضع إلا زيدا: وهذا عكس البيت فلم يحتج إلى المجاورة.
ولضعف هذا التمسك، وظهور، العطف على الرؤوس مع جر الأرجل، جنح متخذ لقولهم إلى أن المسح انما عبر به عن الغسل تنبيها على وجوب الاقتصاد في صب الماء، لأن الأرجل تغسل بالصب من بين الأعضاء فهي مظنة الاسراف، ثم جئ بقوله ﴿إلى الكعبين﴾ (١) إماطة لظن ظان يحسبها ممسوحة، لأن المسح لم يضرب له غاية في الشرع.
قلت: هؤلاء فروا من مخالفة القواعد النحوية فوقعوا في مخالفة الوضع اللغوي والشرعي، لأن المعلوم من الوضع اختلاف حقيقتي المسح والغسل، فما الذي بعث على التعبير بإحداهما عن الآخر، وجعله مضلة للأفهام وعرضه للأوهام؟ ومن ذا الذي قال بالاقتصاد في صب الماء على الرجلين من العلماء؟ ومن أين ان الاقتصاد مدلول المسح؟ وأي محذور يلزم من عطف المحدود على غير المحدود؟
بل هو في هذا المقام حسن، لأنه تعالى قال ﴿فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق﴾ (2) فعطف في الغسل المحدود على غير المحدود، فالتناسب ان يعطف في المسح كذلك لتأخذ الجملة الثانية بحجزة الأولى.
وآخرون حملوا الجر على طهارة ذي الخفين، فالتزموا التعبير عن الخف بالرجل، وهو أشنع من الأول.
وقد روى علماء أهل البيت عن علي (عليه السلام) ان هذه الآية ناسخة