البحث الثاني: في التعزية.
وهي تفعلة من العزاء، أي: الصبر، يقال: عزيته فتعزى، أي صبرته فتصبر. والمراد بها طلب التسلي عن المصاب، والتصبر عن الحزن والاكتئاب، باسناد الأمر إلى الله عز وجل ونسبته إلى عدله وحكمته، وذكر لقاء وعد الله على الصبر، مع الدعاء للميت والمصاب لتسليته عن مصيبته. وهي مستحبة إجماعا، ولا كراهة فيها بعد الدفن عندنا، والدفن خاتمة أمره لا أمر أهله.
وقد روى إسحاق بن عمار عن الصادق (عليه السلام)، قال: (ليس التعزية إلا عند القبر ثم ينصرفون، لا يحدث في الميت حدث فيسمعون الصوت) (1)، ويظهر من كلام ابن البراج.
لنا: عموم قول النبي (صلى الله عليه وآله): (من عزى مصابا فله مثل أجره)، رواه العامة (2) ورواه الكليني بزيادة: (من غير أن ينتقص من أجر المصاب شئ) عن وهب، عن الصادق (عليه السلام)، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) (3). وعنه (صلى الله عليه وآله): (ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبته إلا كساه الله من حلل الكرامة) (4) رواه عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده.
وروى الكليني، عن إسماعيل الجزري، عن الصادق (عليه السلام)، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (من عزى حزينا كسي في الموقف حلة يحبى بها) (5) وروي: (يحبر بها) (6) أي: يسر.