إلى فعل أغنى الأولين عن ذكر نيات العبادات وتعلمها، حتى أن الإخبار خالية عن تشخص (١) نية، إلا ما سنذكر في الحج والعتق إن شاء الله.
لكن قال في التهذيب في تأويل خبر إعادة الوضوء بترك التسمية: أن المراد بها النية (٢). وفي الخلاف والمختلف نقل الإجماع على وجوبها (٣). وفي المعتبر أسنده إلى الثلاثة وابن الجنيد، وقال: لم أعرف لقدمائنا فيه نصا على التعيين (٤). ولم يحتج في الخلاف بغير الأخبار العامة في النية (٥). ومن ثم لم يذكرها قدماء الأصحاب في مصنفاتهم كالصدوقين.
والجعفي قال: لا عمل إلا بنية، ولا بأس إن تقدمت النية العمل أو كانت معه. وابن الجنيد عطف على المستحب قوله: وأن يعتقد عند إرادة طهارته أنه يؤدي فرض الله فيها لصلاته: قال: ولو عزبت النية عنه قبل ابتداء الطهارة، ثم اعتقد ذلك وهو في عملها، أجزأه ذلك.
وهذان القولان مع غرابتهما مشكلان، لأن المتقدمة عزم لا نية، والواقعة في الأثناء أشكل، لخلو بعضه عن نية. وحمله على الصوم قياس محض، مع الفرق بأن ماهية الصوم واحدة بخلاف الوضوء المتعدد الأفعال، واستحبابها لا أعلمه قولا لأحد من علمائنا.
فإن احتج ابن الجنيد على الاستحباب بأنه تعالى قال: ﴿إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا﴾ (٦) ﴿وان كنتم جنبا فاطهروا﴾ (7) ولم يذكر النية، وبأن الماء مطهر مطلقا فإذا استعمل في مواضعه وقع موقعه.