فقال: يا أبا محمد ما من آية نزلت تقود إلى الجنة ولا تذكر أهلها بخير إلا وهي فينا وفي شيعتنا وما من آية نزلت وتذكر أهلها بشر تسوق إلى النار إلا وهي في عدونا ومن خالفنا، فهل سررتك يا أبا محمد؟ قال: قلت: جعلت فداك زدني، قال: يا أبا محمد ليس على ملة إبراهيم إلا نحن وشيعتنا وسائر الناس من ذلك براء، يا أبا محمد فهل سررتك؟ وفي رواية اخرى فقال: حسبي.
* الشرح:
قوله (عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد) العدة الناقلة عن سهل: علي بن محمد بن علان ومحمد بن أبي عبد الله ومحمد بن الحسن ومحمد بن عقيل الكليني، والظاهر أن محمد بن أبي عبد الله هو محمد بن جعفر الأسدي الثقة (قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه أبو بصير) مشترك بين ليث بن البختري المرادي ويحيى بن القاسم المكفوف وكنيتهما أيضا أبو محمد (وقد حفزه النفس) الحفز بالحاء المهملة والزاي المعجمة بعد الفاء الحث والإعجال والموالاة بين الشيئين بلا مهلة (كبرت سني) السن مقدار العمر مؤنثة في الناس وغيرهم والمراد بكبرها طولها (ودق عظمي) الذي هو أصلب أعضاء البدن وعمودها فكيف غيرها ودقته كناية عن الوهن والضعف اللازمين لطول العمر.
(مع أنني لست أدري ما أرد عليه من أمر آخرتي) «ما» زائدة وفي بعض النسخ «مع أني» (فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا أبا محمد وإنك لتقول هذا) إنكارا لقوله «مع ما أنني.. إلى آخره» (قال جعلت فداك وكيف لا أقول) ذلك مع عدم علمي بمآل حالي وما أرد عليه من أمر الآخرة (فقال: يا أبا محمد أما علمت أن الله تعالى يكرم الشباب منكم ويستحيي من الكهول) الاستفهام إما للحقيقة أو للتوبيخ أو للتقرير فقال (يكرم الله الشباب أن يعذبهم ويستحيي من الكهول أن يحاسبهم) الكهل من الرجال من زاد على ثلاثين سنة إلى الأربعين وقيل من ثلاث وثلاثين إلى تمام الخمسين وقيل من زاد أربعا وثلاثين إلى أحدى وخمسين ولما لم يكن في كرمه تعالى وحيائه نقص لزم من عدم تعذيب الشباب عدم حسابهم لئلا يخجلوا ومن عدم حساب الكهول عدم تعذيبهم بل عدم حساب الشيوخ وتعذيبهم بالطريق الأولى فإذا تدخل الشيعة كلهم بلا تعذيب ولا حساب في الجنة وله الحمد أولا وآخرا (قال قلت جعلت فداك هذا لنا خاصة أم لأهل التوحيد) كلهم ولما لم يكن في قوله (عليه السلام) يكرم الشباب منكم... إلى آخره دلالة على الحصر سأله عنه.
(قال فقال لا والله إلا لكم خاصة دون العالم) أي لا يكون هذا والله أو لا والله ليس هذا إلا لكم خاصة دون أهل العالم، وإنما لم يقل: دون أهل التوحيد، كما قال أبو بصير للتنبيه على أن غير الشيعة ليسوا من أهل التوحيد بل هم مشركون (قال قلت جعلت فداك فإنا قد نبزنا نبزا انكسرت له ظهورنا.. الخ) النبز بالتحريك اللقب وقد كثر استعماله فيما كان ذما ومنه قوله تعالى: (ولا