في هذه الآية وفي قوله تعالى: (ومن الناس من يقول آمنا بالله واليوم الآخر وما هم بمؤمنين..) الآية والشيخ في الحديث الخامس والثلاثين من الأربعين في قوله «وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر لو صرفته إلى غير ذلك لهلك» ولجواز العكس وبيان فائدته مجال من التوجيه فتأمل (ولو لم تفعلوا لعيركم الله كما عيرهم) أي لو لم تفعلوا الوفاء بالعهد وبدلتم بأولياء الله غيرهم كما بدلوا لدخلتم في التعيير أيضا.
(حيث يقول جل ذكره (وما وجدنا لأكثرهم من عهد) عهد الولاية (وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين) الكاملين في الفسق بترك الولاية، وان مخففة وهي تدخل الجملتين ففي الإسمية تعمل وتهمل، وفي الفعلية يجب إهمالها وحيث وجدت إن وبعدها لام مفتوحة فاحكم بأنها مخففة (فقال (إخوانا على سرر متقابلين في جنات النعيم يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين لا يصدعون عنها ولا ينزفون وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون جزاء بما كانوا يعملون) وهم مع أهل الولاية شركاء في هذه النعمة (فقال عز وجل هل (يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب) يعني إنه لا مساواة بين العالم والجاهل وأنه لا يعلم الفرق بينهما إلا ذوو العقول الصحيحة الخالصة عن شوائب الأوهام.
(فنحن الذين يعلمون وعدونا الذين لا يعلمون وشيعتنا هم أولوا الألباب) روي مثله أيضا عن أبي جعفر (عليه السلام) وسيجئ عن الصادق (عليه السلام) أيضا قبل حديث الصيحة أن الآية نزلت في وصف علي (عليه السلام) وذم أبي الفصيل يعني أن عليا عليه السلام لكونه عالما بأن محمدا (صلى الله عليه وآله) رسول الله ليس مثله وهو لا يعلم ذلك ويقول باطنا: إنه ساحر كذاب (يعني بذلك عليا وشيعته) لعل المراد بشيعته كل من أقر بولايته من لدن آدم إلى آخر الدهر فإذن ليس المرحوم إلا هو وشيعته وبقي المستثنى منه بعد الاستثناء على عمومه لعدم صدقه بعده على مؤمن ولا يتحقق الإغناء والنصرة في غيره، وروى المصنف بإسناده في كتاب الأصول عن أبي عبد الله (عليه السلام) في هذه الآية قال «نحن والله الذي يرحم الله ونحن والله الذي استثنى الله لكنا نغني عنهم» (قال لقد ذكركم الله عز وجل في كتابه إذ يقول (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم) والله ما أراد بهذا غيركم) لأن المخاطبين بهذا الخطاب الشريف هم المؤمنون باتفاق الأمة لخروج غيرهم عن هذا التشريف والإيمان لا يتحقق بالعقل والنقل إلا لمن أقر بالأوصياء وولايتهم وهم الشيعة رضي الله تعالى عنهم (فقال (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان) والله ما أراد بهذا إلا الأئمة عليهم السلام وشيعتهم) إضافة العباد تفيد الاختصاص والمراد بهم المخلصون له تعالى المطيعون لأمره بقوله (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) وهم الأئمة عليهم السلام وشيعتهم.