أن ايذاء أحد لجاره غالبا اما بسبب إيذاء الجار له أو للحسد وحيث انتفى الأول تحقق الثاني فإذا رأى أي راء أو الحاسد مطلقا.
(نعمة على أحد فكان له) أي لذلك الأحد (أهل جعل) أي الحاسد (بلاءه عليهم) أي على أهل ذلك الأحد المحسود ويؤذيهم مبالغة لإيذاء المحسود.
(وإن لم يكن له أهل جعله) أي بلاءه (على خادمه وإن لم يكن له خادم أسهر ليله وأغاظ نهاره) ضمير المجرور عائد إلى الأحد المحسود وتعلق الاسهار والاغاظة بالليل والنهار تعلق مجازي والأصل أسهره في ليله وأعاظه في نهاره بالإيذاء له وإيصال المكاره هذا من باب الاحتمال والله يعلم.
(وإن أقرب جيراني مني جوارا من لا أرجو خيره ولا آمن شره) جوازا منصوب على التميز يجوز فيه الحركات الثلاث والكسر أفصح.
(لا إيمان لمن لم يأمن جاره بوائقه) البوائق جمع البائقة وهي الداهية والغائلة والشر والظلم.
والظاهر أنه خبر لادعاء ويمكن أن يراد به نفي الإيمان الكامل إذ الإيمان عند أهل العصمة كأنه هذا حتى كان غيره ليس بإيمان وإنما أولناه بذلك لما مر في كتاب الكفر والإيمان من أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «أدنى ما يكون العبد مؤمنا أن يعرفه الله تعالى نفسه فيقر له بالطاعة. ويعرفه نبيه فيقر له بالطاعة ويعرفه أمامه وحجته على أرضه وشاهده على خلقه فيقر له بالطاعة فقيل يا أمير المؤمنين وان جهل جميع الأشياء إلا ما وصفت؟ قال نعم إذا أمر أطاع وإذا نهى انتهى» إن قلت:
من لم يأمن جاره بوائقه إن وقعت منه إذاية أو تسبب فيها فالأمر واضح وإن لم يقع فغايته أنه هم بها فيعارض ما مر في باب من هم بالسيئة والحسنة ان من هم سيئة ولم يعمل لم تكتب عليه، قلت: أو لا عدم الكتابة لا يدل على عدم نقص الإيمان به، وثانيا أن المراد بمن لم يأمن جاره بوائقه من أوصل بوائقه وأذاه إلى جاره على أن الهم الذي لا يكتب إنما هو الهم الذي لم يقع متعلقه بالخارج كالهم بشرب الخمر ولم يشرب وهذا وقع متعلقه بالخارج لتأذى جاره بتوقعه ذلك كالمحارب يخيف السبيل ولم يصب.
(ثم أومأ بيده.. اه) الظاهر أنه أومأ النبي (صلى الله عليه وآله) وهذا الخبر على تقدير صحته حجة لمن ذهب إلى الجار بأربعين دارا من كل جانب وسيجئ في الباب الآتي أيضا ونذكر الأقوال هناك إن شاء الله تعالى.
* الأصل:
2 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن يحيى، عن محمد بن عيسى، عن طلحة بن زيد،