نقول إن كان الموصي بدأ بذكر واحد بعد واحد وسمى له فإنه يعطى الأول فالأول إلى أن لا يبقى من المال شئ ويسقط من يبقى بعد ذلك، لأنه يكون قد وصى له بشئ لا يملكه فتكون وصيته باطلة، وقد ذكرنا ذلك في كتاب الوصايا أوردنا فيه الاخبار، وإن كان قد ذكر جماعة ثم سمى لهم شيئا فعجز عنه مقدار ما ترك فإنه يدخل النقصان على الجميع لأنه ليس لكل واحد منهم سهم معين، بل إنما استحقوا على الاجتماع قدرا مخصوصا فقسم فيهم كما يقسم الشئ المستحق بين الشركاء، وإن كان الموصي قد ذكرهم واحدا بعد واحد الا أنه قد نسي الموصى إليه ذلك فالحكم فيه القرعة فمن خرج اسمه حكم له أولا.
لما روي عن أبي عبد الله وأبى الحسن موسى عليهما السلام ان كل أمر مجهول أو مشكوك فيه يستعمل فيه القرعة، وعلى هذا المذهب يسقط حمل أرباب السهام في المواريث عليه، لأنه لا يجوز استعمال القرعة فيه بالاجماع، ولا يقول خصومنا انهم مترتبون بعضم على بعض في التقديم والتأخير، ولا هم ذكروا موضعا واحدا وسمي لهم سهم فيكون بينهم بالشركة كما سمي الاخوة والأخوات من الام في أنهم شركاء في الثلث فقسمنا بينهم بالسواء، وإذا كانت هذه كلها منتفية عنه لم يمكن حمله على الوصية على حال.
وأما الخبر الذي رووه إذا سلمناه احتمل وجهين، أحدهما،: أن يكون خرج مخرج النكير لا مخرج الاخبار كما يقول الواحد منا إذا أحسن إلى غيره فقابله ذلك بالإساءة وبالذم على فعله فيقول قد صار حسني قبيحا!؟ وليس يريد بذلك الخبر عن ذلك على الحقيقة وإنما يريد الانكار حسب ما قدمناه.
والوجه الآخر: أن يكون أمير المؤمنين عليه السلام قال ذلك لأنه كان قد تقرر ذلك من مذهب المتقدم عليه فلم يمكنه المظاهرة بخلافه كما لم يمكنه المظاهرة