على العامة أن يجعل المجلس للعامة بعد الخاصة فتنوب " الباء " عن " من " و " على " عن " إلى " قيام بعض الصفات مقام بعض. وقوله: " يدخلون روادا " الرواد: جمع " رائد " وهو الذي يتقدم إلى المنزل يرتاد لهم الكلاء، يعني أنهم ينفعون بما يسمعون من النبي صلى الله عليه وآله من وراءهم كما ينفع الرائد من خلفه. وقوله: " ولا يفترقون إلا عن ذواق " معناه عن علوم يذوقون من حلاوتها ما يذاق من الطعام المشتهي والأدلة التي تدل الناس على أمور دينهم. وقوله: " لا تؤبن فيه الحرم " أي لا تعاب. أبنت الرجل فأنا آبن، و المأبون: المعيب، والابنة: العيب. قال أبو الدرداء: إن تؤبن بما ليس فينا فربما زكينا بما ليس عندنا (1). ولعل ذا أن يكون بذلك معناه أن نعيب بما ليس فينا. وقال الأعشى:
سلاجم كالنخل ألبستها (2) * قضيب سراء قليل الابن وقوله: " ولا تنثى فلتأته " معناه: من غلط فيه غلطة لم يشنع ولم يتحدث بها.
يقال: نثوت الحديث أنثوه نثوا: إذا حدثت به. وقوله: " إذا تكلم أطرق جلساؤه كأن على رؤوسهم الطير " معناه: أنهم كانوا لاجلالهم نبيهم صلى الله عليه وآله لا يتحركون، فكانت صفتهم صفة من على رأسه طائر يريد أن يصيده فهو يخاف إن تحرك طيران الطائر و ذهابه. وفيه قول آخر: أنهم كانوا يسكنون ولا يتحركون حتى يصيروا بذلك عند الطائر كالجدران والأبنية التي لا يخاف الطير وقوعا عليها. قال الشاعر:
إذا حلت بيوتهم عكاظا * حسبت على رؤوسهم الغرابا معناه: لسكونهم تسقط الغربان على رؤوسهم. وخص بالغراب لأنه من أشد الطير حذرا: قوله: " ولا يقبل الثناء إلا من مكافئ " معناه: من صح عنده إسلامه حسن موقع ثنائه عليه عنده، ومن استشعر منه نفاقا وضعفا في ديانته ألقى ثناءه عليه ولم يحفل (3) به وقوله: " إذا جاءكم طالب الحاجة يطلبها فارفدوه " معناه: فأعينوه وأسعفوه على طلبته يقال. رفدت رفدا - بفتح الراء - في المصدر، والرفد - بكسر الراء - الاسم يعنى به الهبة و العطية. تم الخبر بتفسيره والحمد لله كثيرا.