أمر علي عليه السلام على أمر هارون بقول النبي صلى الله عليه وآله ": هو مني بمنزلة هارون من موسى "؟
وعلي عليه السلام قد بقي بعد النبي صلى الله عليه وآله.
قيل له: نحن إنما قسنا أمر علي على أمر هارون بقول النبي صلى الله عليه وآله: " هو مني بمنزلة هارون من موسى " فلما كانت هذه المنزلة لعلي عليه السلام وبقي علي فوجب أن يخلف النبي في قومه بعد وفاته.
ومثال ذلك ما أنا ذاكره إن شاء الله: لو أن الخليفة قال لوزيره: " لزيد عليك في كل يوم يلقاك فيه دينار، ولعمرو عليك مثل ما شرطته لزيد " فقد وجب لعمرو مثل ما لزيد، فإذا جاء زيد إلى الوزير ثلاثة أيام فأخذ ثلاثة دنانير، ثم انقطع ولم يأته وأتى عمرو الوزير ثلاثة أيام فقبض ثلاثة دنانير فلعمرو أن يأتي يوما رابعا وخامسا وأبدا و سرمدا ما بقي عمرو وعلى هذا الوزير ما بقي عمرو أن يعطيه في كل يوم أتاه دينار وإن كان زيد لم يقبض إلا ثلاثة أيام. وليس للوزير أن يقول لعمرو: لا أعطيك إلا مثل ما قبض زيد. لأنه كان في شرط زيد أنه كلما أتاك فأعطه دينارا ولو أتى زيد لقبض وفعل هذا الشرط لعمرو وقد أتى فواجب أن يقبض. فكذلك إذا كان في شرط هارون الوصي ان يخلف موسى عليه السلام على قومه ومثل ذلك لعلي فبقي (1) علي عليه السلام على قومه، ومثل ذلك لعلي عليه السلام فواجب أن يخلف النبي صلى الله عليه وآله في قومه نظير ما مثلناه في زيد وعمرو، و هذا ما لابد منه ما أعطى القياس حقه.
فإن قال قائل: لم يكن لهارون لو مات موسى أن يخلفه على قومه.
قيل له: بأي شئ ينفصل من قول قائل قال لك: إنه لم يكن هارون أفضل أهل زمانه بعد موسى ولا أوثقهم في نفسه ولا نائبه في العلم؟ فإنه لا يجد فصلا لأن هذه المنازل لهارون من موسى عليه السلام مشهورة، فإن جحد جاحد واحدة منها لزمه جحود كلها.
فإن قال قائل: إن هذه المنزلة التي جعلها النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام إنما جعلها في حياته.
قيل له: نحن ندلك بدليل واضح على أن الذي جعلها النبي لعلي عليهما السلام بقوله: