فإن ادعى مدع أنه يجوز في اللغة غير ما بيناه فليأت به ولن يجده. فإن اعترض (1) بما يدعونه من خبر زيد بن حارثة وغيره من الاخبار التي يختصون بها لم يكن ذلك لهم لأنهم راموا أن يخصوا معنى خبر ورد بإجماع بخبر رووه دوننا، وهذا ظلم لان لنا أخبار كثيرة تؤكد معنى " من كنت مولاه فعلي مولاه " وتدل على أنه إنما استخلفه بذلك وفرض طاعته، هكذا نروي نصا في هذا الخبر عن النبي صلى الله عليه وآله وعن علي عليه السلام فيكون خبرنا المخصوص بإزاء خبرهم المخصوص ويبقى الخبر على عمومه نحتج به نحن وهم بما توجبه اللغة والاستعمال فيها وتقسيم الكلام ورده إلى الصحيح منه، ولا يكون لخصومنا من الخبر المجمع عليه ولا من دلالته مالنا، وبإزاء ما يروونه من خبر زيد ابن حارثة أخبار قد جاءت على ألسنتهم شهدت بأن زيدا أصيب في غزوة مؤتة مع جعفر بن أبي طالب عليه السلام وذلك قبل يوم غدير خم بمدة طويلة لان يوم الغدير كان بعد حجة الوداع ولم يبق النبي صلى الله عليه وآله بعده إلا أقل من ثلاثة أشهر، فإذا كان بإزاء خبركم في زيد ما قد رويتموه في نقضة لم يكن ذلك لكم حجة على الخبر المجمع عليه، ولو أن زيد كان حاضرا قول النبي صلى الله عليه وآله يوم الغدير لم يكن حضوره بحجة لكم أيضا لان جميع العرب عالمون بأن مولى النبي صلى الله عليه وآله مولى أهل بيته وبني عمه [و] مشهور ذلك في لغتهم وتعارفهم فلم يكن لقول النبي صلى الله عليه وآله للناس: اعرفوا ما قد عرفتموه وشهر بينكم لأنه لو جاز ذلك لجاز أن يقول قائل: ابن أخي أب النبي ليس بابن عمه. فيقوم النبي فيقول: فمن كان ابن أخي أبي فهو ابن عمي. وذلك فاسد لأنه عيب وما يفعله إلا اللاعب السفيه، وذلك منفي عن النبي صلى الله عليه وآله.
فإن قال قائل: إن لنا أن نروي في كل خبر نقلته فرقتنا ما يدل على معنى " من كنت مولاه فعلي مولاه ".
قيل له: هذا غلط في النظر لان عليك أن تروي من أخبارنا أيضا ما يدل على معنى الخبر مثل ما جعلته لنفسك في ذلك فيكون خبرنا الذي نختص (2) به مقاوما لخبرك