بمقداره مقدارها. فإذا وجبت طاعة علي عليه السلام على الخلق استحق معنى الإمامة.
فإن قالوا: إن النبي صلى الله عليه وآله إنما جعل لعلي عليه السلام بهذا القول فضيلة شريفة و إنها ليست الإمامة.
قيل لهم: هذا في أول تأدي الخبر إلينا قد كانت النفوس تذهب إليه، فأما تقسيم الكلام وتبيين ما يحتمله وجوه لفظة " المولى " في اللغة حتى يحصل المعنى الذي جعله لعلي عليه السلام بها فلا يجوز ذلك، لأنا قد رأينا أن اللغة تجيز في لفظة " المولى " وجوها كلها لم يعنها النبي صلى الله عليه وآله بقوله في نفسه ولا في علي عليه السلام وبقي معنى واحد، فوجب أنه الذي عناه في نفسه وفى علي عليه السلام وهو ملك الطاعة.
فإن قالوا: فلعله قد عنى معنى لم نعرفه لأنا لا نحيط باللغة.
قيل لهم: ولو جاز ذلك لجاز لنا في كل ما نقل عن النبي صلى الله عليه وآله وكل ما في القرآن أن نقول لعله عنى به ما لم يستعمل في اللغة وتشكل (1) فيه وذلك تعليل وخروج عن التفهم ونظير قول النبي صلى الله عليه وآله: " ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم " فلما أقروا له بذلك قال:
" فمن كنت مولاه فعلي مولاه " قول رجل لجماعة: أليس هذا المتاع بيني وبينكم نبيعه والربح بيننا نصفان والوضيعة (2) كذلك؟ فقالوا له: نعم. قال: فمن كنت شريكه فزيد شريكه. فقد أعلم أن ما عناه بقوله: " فمن كنت شريكه " [أنه] إنما عنى به المعنى الذي قررهم (3) به بدءا من بيع المتاع واقتسام الربح والوضيعة، ثم جعل ذلك المعنى الذي هو الشركة لزيد بقوله: " فزيد شريكه ". وكذلك قول النبي صلى الله عليه وآله: " ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم " وإقرارهم له بذلك ثم قوله صلى الله عليه وآله: " فمن كنت مولاه فعلي مولاه " إنما هو إعلام أنه عنى بقول، المعنى الذي أقروا به بدءا وكذلك جعله لعلي عليه السلام بقوله: " فعلي مولاه " كما جعل ذلك الرجل الشركة لزيد بقوله: " فزيد شريكه " ولا فرق في ذلك.