عهد فلا تخالفي فيخالف بك، واذكري قوله عليه السلام في نباح الكلاب (1) بحوأب، وقوله " ما للنساء والغزو؟ " وقوله صلى الله عليه وآله: " انظري يا حميراء ألا تكوني أنت علت علت بل قد نهاك عن الفرطة في البلاد وإن عمود الاسلام لن يثاب بالنساء إن مال، ولن يرأب بهن إن صدع، حماديات النساء غض الابصار، وخفر الاعراض، وقصر الوهازة، ما كنت قائله لو أن رسول الله صلى الله عليه وآله عارضك ببعض الفلوات، ناصة قلوصا من منهل إلى آخر؟! إن بعين الله مهواك، وعلى رسول الله تردين، قد وجهت سدافته، وتركت عهيداه، لو سرت مسيرك هذا ثم قيل لي: " ادخلي الفردوس " لاستحييت أن ألقى رسول الله صلى الله عليه وآله هاتكة حجابا قد ضربه علي، اجعلي حصنك بيتك ورباعة الستر قبرك، حتى تلقيه، وأنت على تلك الحال أطوع ما تكونين لله ما لزمته، وأنصر ما تكونين للدين ما جلست عنه، لو ذكرتك بقول تعرفينه لنهشتني نهش الرقشاء المطرق. فقالت عائشة: ما أقبلني لوعظك، وما أعرفني بنصحك، وليس الامر على ما تظنين ولنعم المسير ومسيرا فزعت إلي فيه فئتان متشاجرتان، إن أقعد ففي غير حرج، وإن أنهض فإلى ما لا بد من الا زياد منه.
فقالت أم سلمة:
لو كان معتصما من زلة أحد * كانت لعائشة العتبى على الناس كم سنة لرسول الله دارسة * وتلو آي من القرآن مدارس قد ينزع الله من قوم عقولهم * حتى يكون الذي يقضى على الرأس تفسيره: قولها - رحمه الله عليها - " إنك سدة بين رسول الله صلى الله عليه وآله " أي إنك باب بينه وبين أمته في حريمه وحوزته فاستبيح ما حماه فلا تكوني أنت سبب ذلك بالخروج الذي لا يجب عليك لتحوجي الناس إلى أن يفعلوا مثل ذلك.
وقولها: " فلا تندحيه " أي لا تفتحيه فتوسعيه بالحركة والخروج، يقال: " ندحت الشئ " إذا وسعته ومنه يقال: " أنا في مندوحة عن كذا " أي في سعة.
وتريد بقولها: " قد جمع القرآن ذيلك " قول الله عز وجل: " وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى " (2).