أبيه، عن جده [عن] علي بن الحسين، عن أبيه عليهم السلام قال: بينا أمير المؤمنين صلوات الله عليه ذات يوم جالس مع أصحابه يعبئهم (1) للحرب إذ أتاه شيخ عليه شجبة للسفر (2)، فقال: أين أمير المؤمنين؟ فقيل: هو ذا. فسلم عليه، ثم قال: يا أمير المؤمنين إني أتيتك من ناحية الشام وأنا شيخ كبير قد سمعت فيك من الفضل ما لا أحصي وإني أظنك ستغتال (3) فعلمني مما علمك الله. قال: نعم يا شيخ، من اعتدل يوماه فهو مغبون، ومن كانت الدنيا همته اشتدت حسرته عند فراقها، ومن كان غده شر يوميه فمحروم، ومن لم يبال ما رزئ (4) من آخرته إذا سلمت له دنياه فهو هالك، ومن لم يتعاهد النقص من نفسه غلب عليه الهوى ومن كان في نقص فالموت خير له، يا شيخ ارض للناس ما ترضى لنفسك و إيت إلى الناس ما تحب أن يؤتي إليك. ثم أقبل على أصحابه فقال: أيها الناس أما ترون إلى أهل الدنيا يمسون ويصبحون على أحوال شتى فبين صريع يتلوى (5) وبين عائد ومعود (6) وآخر بنفسه يجود، وآخر لا يرجى وآخر مسجى (7)، وطالب الدنيا والموت يطلبه، وغافل ليس بمغفول عنه، وعلى أثر الماضي يصير الباقي. فقال له زيد بن صوحان العبدي: يا أمير المؤمنين أي سلطان أغلب وأقوى؟ قال: الهوى، قال: فأي ذل أذل؟ قال: الحرص على الدنيا، قال: فأي فقر أشد؟ قال: الكفر بعد الايمان، قال:
فأي دعوة أضل؟ قال: الداعي بما لا يكون، قال: فأي عمل أفضل؟ قال: التقوى، قال:
فأي عمل أنجح؟ قال: طلب ما عند الله، قال: فأي صاحب شر؟ قال: المزين لك معصية الله، قال: فأي الخلق أشقى؟ قال: من باع دينه بدنيا غيره، قال: فأي الخلق أقوى؟