والوجه الآخر في معنى " الله أكبر " أي الجواد جزيل العطاء كريم الفعال (1).
والوجه الآخر الله أكبر فيه نفي صفته وكيفيته كأنه يقول: الله أجل من أن يدرك الواصفون قدر صفته الذي هو موصوف به، وإنما يصفه الواصفون على قدرهم لا على قدر عظمته وجلاله، تعالى الله عن أن يدرك الواصفون صفته علوا كبيرا.
والوجه الآخر " الله أكبر " كأنه يقول: الله أعلى وأجل، وهو الغني عن عباده، لا حاجة به إلى أعمال خلقه.
وأما قوله: " أشهد أن لا إله إلا الله " فإعلام بأن الشهادة لا تجوز إلا بمعرفته من القلب كأنه يقول: أعلم أنه لا معبود إلا الله عز وجل وأن كل معبود باطل سوى الله عز وجل وأقر بلساني بما في قلبي من العلم بأنه لا إله إلا الله وأشهد أنه لا ملجأ من الله إلا إليه ولا منجا من شر كل ذي شر وفتنة كل ذي فتنة إلا بالله. وفي المرة الثانية " أشهد أن لا إله إلا الله " معناه: أشهد أن لا هادي إلا الله ولا دليل لي إلى الدين إلا الله و اشهد الله بأني أشهد أن لا إله إلا الله واشهد سكان السماوات وسكان والأرضين وما فيهن من الملائكة والناس أجمعين وما فيهن من الجبال والأشجار والدواب والوحوش وكل رطب ويابس بأني أشهد أن لا خالق إلا الله ولا رازق ولا معبود ولا ضار ولا نافع ولا قابض ولا باسط ولا معطي ولا مانع ولا ناصح ولا كافي ولا شافي ولا مقدم ولا مؤخر إلا الله، له الخلق والامر، وبيده الخير كله، تبارك الله رب العالمين.
وأما قوله: " أشهد أن محمدا رسول الله " يقول: اشهد الله أنه لا إله إلا هو وأن محمدا عبده ورسوله ونبيه وصفيه ونجيه أرسله إلى كافة الناس أجمعين بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، واشهد من في السماوات والأرض من النبيين والمرسلين والملائكة والناس أجمعين أن محمدا سيد الأولين والآخرين. وفي المرة الثانية " أشهد أن محمدا رسول الله " يقول: أشهد أن لا حاجة لأحد [إلى أحد] إلا إلى الله الواحد القهار الغني عن عباده والخلائق والناس أجمعين، وأنه أرسل محمدا إلى الناس بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، من أنكره وجحده ولم يؤمن به أدخله الله عز وجل نار جهنم