ما عظيم البلاء فأجد لذة الرخاء، ولم يذلني الفقر فأعرف فضل الغنى ولم يهني (20) الخوف فأعرف فضل الأمن، فأصبحت وأمسيت في غفلة مما فيه غيري، ممن هو دوني، فكفرت ولم أشكر بلاءك، ولم (21) أشك أن الذي أنا فيه دائم غير زائل عني، لا أحدث نفسي بانتقال عافية وتحويل فقر، ولا خوف ولا حزن في عاجل دنياي وآجل آخرتي، فيحول ذلك بيني وبين التضرع إليك في دوام ذلك لي، مع ما أمرتني به من شكرك، ووعدتني عليه من المزيد من لدنك (22).
فسهوت ولهوت وغفلت وأمنت وأشرت وبطرت وتهاونت حتى جاء التغيير مكان العافية بحلول البلاء، ونزل الضر بمنزلة الصحة وبأنواع السقم والأذى، وأقبل الفقر بإزاء الغنى، فعرفت ما كنت فيه للذي صرت إليه، فسألتك مسألة من لا يستوجب أن تسمع له دعوة لعظيم ما كنت فيه من الغفلة، وطلبت طلبة من لا يستحق نجاح الطلبة للذي كنت فيه من اللهو والفترة (23) وتضرعت تضرع من لا يستوجب الرحمة لما كنت فيه من الزهو والاستطالة (24) فرضيت بما إليه صيرتني وإن كان الضر قد مسني، والفقر قد أذلني (25) والبلاء قد حل بي.
فإن يك ذلك من سخط منك فأعوذ بحلمك من سخطك، وإن