إلى فناء نقمتك طريدا، لا شفيع يشفع لي إليك، ولا خفير (16) يؤمنني عليك، ولا حصن يحجبني عنك، ولا ملاذ ألجأ إليه منك.
فهذا مقام العائذ بك، ومحل المعترف لك، فلا يضيقن عني فضلك، ولا يقصرن دوني عفوك، ولا أكن أخيب عبادك التائبين، ولا أقنط وفودك الآملين، واغفر لي، إنك خير الغافرين.
اللهم إنك أمرتني فتركت، ونهيتني فركبت، وسول (17) لي الخطأ خاطر السوء ففرطت (18) ولا أستشهد على صيامي نهارا، ولا أستجير بتهجدي ليلا، ولا تثني علي بإحيائها سنة، حاشى فروضك التي من ضيعها هلك، ولست أتوسل إليك بفضل نافلة مع كثير ما أغفلت من وظائف فروضك، وتعديت عن مقامات حدودك إلى حرمات انتهكتها، وكبائر ذنوب اجترحتها (19) كانت عافيتك لي من فضائحها سترا.
وهذا مقام من استحيى لنفسه منك، وسخط عليها، ورضي عنك، فتلقاك بنفس خاشعة، ورقبة خاضعة، وظهر مثقل من الخطايا، واقفا بين الرغبة إليك والرهبة منك، وأنت أولى من رجاه، وأحق من خشيه واتقاه، فأعطني يا رب ما رجوت، وآمني ما حذرت، وعد علي بعائدة رحمتك، إنك أكرم المسؤولين.