نهج البلاغة - خطب الإمام علي (ع) - ج ٢ - الصفحة ١٦٤
إن كان في الغافلين كتب في الذاكرين. وإن كان في الذاكرين لم يكتب من الغافلين (1). يعفو عمن ظلمه، ويعطي من حرمه، ويصل من قطعه. بعيدا فحشه (2). لينا قوله. غائبا منكره. حاضرا معروفه. مقبلا خيره مدبرا شره. في الزلازل وقور (3)، وفي المكاره صبور. وفي الرخاء شكور. لا يحيف على من يبغض. ولا يأثم فيمن يحب (4). يعترف بالحق قبل أن يشهد عليه. لا يضيع ما استحفظ. ولا ينسى ما ذكر. ولا ينابز بالألقاب (5). ولا يضار بالجار ولا يشمت بالمصائب. ولا يدخل في الباطل. ولا يخرج من الحق.
إن صمت لم يغمه صمته، وإن ضحك لم يعل صوته. وإن بغي عليه صبر حتى يكون الله هو الذي ينتقم له. نفسه منه في عناء. والناس منه في راحة. أتعب نفسه لآخرته، وأراح الناس من نفسه. بعده عمن تباعد عنه زهد ونزاهة. ودنوه ممن دنا منه لين ورحمة. ليس تباعده بكبر وعظمة، ولا دنوه بمكر وخديعة
____________________
(1) أي إن كان بين الساكتين عن ذكر الله فهو ذاكر له بقلبه وإن كان بين الذاكرين بلسانهم لم يكن مقتصرا على تحريك اللسان مع غفلة القلب (2) الفحش: القبيح من القول (3) في الزلازل أي الشدائد المرعدة. والوقور الذي لا يضطرب (4) لا يأثم الخ أي لا تحمله المحبة على أن يرتكب إثما لإرضاء حبيبه (5) أي لا يدعو غيره باللقب
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»
الفهرست