وملبسهم الاقتصاد (1) ومشيهم
التواضع. غضوا أبصارهم عما حرم الله عليهم، ووقفوا أسماعهم على العلم النافع لهم. نزلت أنفسهم منهم في البلاء كالتي نزلت في الرخاء (2). ولولا الأجل الذي كتب لهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقا إلى الثواب، وخوفا من العقاب. عظم الخالق في أنفسهم فصغر ما دونه في أعينهم، فهم والجنة كمن قد رآها (3) فهم فيها منعمون، وهم والنار كمن قد رآها فهم فيها معذبون. قلوبهم محزونة، وشرورهم مأمونة. وأجسادهم نحيفة (4)، وحاجاتهم خفيفة، وأنفسهم عفيفة.
صبروا أياما قصيرة أعقبتهم راحة طويلة.
تجارة مربحة (5) يسرها لهم ربهم. أرادتهم الدنيا فلم يريدوها. وأسرتهم ففدوا أنفسهم منها. أما الليل فصافون أقدامهم تالين لأجزاء
القرآن يرتلونه ترتيلا. يحزنون به أنفسهم
____________________
(1) ملبسهم الخ، أي أنهم لا يأتون من شهواتهم إلا بقدر حاجاتهم في تقويم حياتهم، فكان الانفاق كثوب لهم على قدر أبدانهم لكنهم يتوسعون في الخيرات (2) نزلت الخ، أي أنهم إذا كانوا في بلاء كانوا بالأمل في الله كأنهم كانوا في رخاء لا يجزعون ولا يهنون، وإذا كانوا في رخاء كانوا من خوف الله وحذر النقمة كأنهم في بلاء لا يبطرون ولا يتجبرون (3) أي هم على يقين من الجنة والنار كيقين من رآهما، فكأنهم في نعيم الأولى وعذاب الثانية رجاء وخوفا (4) نحافة أجسادهم من الفكر في صلاح دينهم والقيام بما يجب عليهم له (5) يقال أربحت التجارة إذا أفادت ربحا