نهج البلاغة - خطب الإمام علي (ع) - ج ٢ - الصفحة ١٢٥
والساعات. فلا شئ إلا الواحد القهار الذي إليه مصير جميع الأمور. بلا قدرة منها كان ابتداء خلقها، وبغير امتناع منها كان فناؤها. ولو قدرت على الامتناع دام بقاؤها. لم يتكاءده صنع شئ منها إذ صنعه (1)، ولم يؤده منها خلق ما خلقه وبرأه. ولم يكونها لتشديد سلطان. ولا خوف من زوال ونقصان، ولا للاستعانة بها على ند مكاثر (2)، ولا للاحتراز بها من ضد مثاور. ولا للازدياد بها في ملكه، ولا لمكاثرة شريك في شركه. ولا لوحشة كانت منه فأراد أن يستأنس إليها. ثم هو يفنيها بعد تكوينها لا لسأم دخل عليه في تصريفها وتدبيرها، ولا لراحة واصلة إليه.
ولا لثقل شئ منها عليه. لم يمله طول بقائها فيدعوه إلى سرعة إفنائها. لكنه سبحانه دبرها بلطفه، وأمسكها بأمره، وأتقنها بقدرته، ثم يعيدها بعد الفناء من غير حاجة منه إليها، ولا استعانة بشئ منها عليها، ولا لانصراف من حال وحشة إلى حال استئناس، ولا من حال جهل وعمى إلى حال علم والتماس. ولا من فقر وحاجة
____________________
(1) لم يتكاءده: لم يشق عليه. ولم يؤده: لم يثقله. وبرأه مرادف لخلقه (2) الند - بالكسر - المثل. والمكاثرة: المغالبة بالكثرة يقال كاثره فكثره أي غلبه. والمثاور
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»
الفهرست