نهج البلاغة - خطب الإمام علي (ع) - ج ١ - الصفحة ١٧٢
لا يقطعون أمد غاية عبادته. ولا يرجع بهم الاستهتار بلزوم طاعته (1) إلا إلى مواد من قلوبهم غير منقطعة من رجائه ومخافته (2). لم تنقطع أسباب الشفقة منهم (3) فينوا في جدهم (4) ولم تأسرهم الأطماع فيؤثروا وشيك السعي على اجتهادهم (5). ولم يستعظموا ما مضى من أعمالهم. ولو استعظموا ذلك لنسخ الرجاء منهم شفقات وجلهم (6).
ولم يختلفوا في ربهم باستحواذ الشيطان عليهم. ولم يفرقهم سوء التقاطع. ولا تولاهم غل التحاسد. ولا شعبتهم مصارف الريب (7) ولا اقتسمتهم أخياف الهمم (8). فهم أسراء إيمان. لم يفكهم من ربقته زيغ ولا عدول ولا ونى ولا فتور (9). وليس في أطباق السماوات
____________________
انقطعت الخلق سواهم إلى المخلوقين (1) الاستهتار التولع (2) مواد جمع مادة: أصلها من مد البحر إذا زاد، وكل ما أعنت به غيرك فهو مادة، ويريد بها البواعث المعينة على الأعمال، أي كلما تولعوا بطاعته زادت بهم البواعث عليها من الرغبة والرهبة (3) الشفقة الخوف (4) ونى ينى تأنى (5) وشيك السعي مقاربه وهينه، أي أنه لا طمع لهم في غيره فيختاروا هين السعي على الاجتهاد الكامل (6) الشفقات تارات الخوف وأطواره، وهو فاعل نسخ والرجاء مفعول. والوجل الخوف أيضا (7) شعبتهم فرقتهم صروف الريب جمع ريبة وهي ما لا تكون النفس على ثقة من موافقته للحق (8) جمع خيف بالفتح هو في الأصل ما انحدر عن سفح الجبل، والمراد هنا سواقط الهمم، فإن التفرق والاختلاف كثيرا ما يكون من انحطاط الهمة بل أعظم ما يكون منه ينشأ عن ذلك. وقد يكون الخيف بمعنى الناحة أي متطرفات الهمم (9) ونى مصدر ونى
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»
الفهرست