نهج البلاغة - خطب الإمام علي (ع) - ج ١ - الصفحة ١٦٨
جوها فلكها (1). وناط بها زينتها من خفيات دراريها ومصابيح كواكبها (2) ورمى مسترقي السمع بثواقب شهبها وأجراها على إذلال تسخيرها من ثبات ثابتها ومسير سائرها وهبوطها وصعودها. ونحوسها وسعودها (3) (منها في صفة الملائكة عليهم السلام) ثم خلق سبحانه لإسكان سماواته.
وعمارة الصفيح الأعلى (4) من ملكوته خلقا بديعا من ملائكته ملأ بهم فروج فجاجها. وحشى بهم فتوق أجوائها (5). وبين فجوات تلك الفروج زجل المسبحين منهم في حظائر القدس وسترات الحجب وسرادقات المجد (6). ووراء ذلك الرجيج الذي تستك منه الاسماع سبحات نور تردع الأبصار عن بلوغها (7). فتقف خاسئة على حدودها (8).
أنشأهم على صور مختلفات وأقدار متفاوتات. أولي أجنحة تسبح جلال
____________________
(1) فلكها هو الجسم الذي ارتكزت فيه وأحاط بها وفيه مدارها. وناط بها أي علق بها وأحاطها.
ودراريها كواكبها وأقمارها. والإذلال جمع ذل بالكسر وهو محجة الطريق أي على الطرق التي سخرها فيها (2) نجومها الصغار (3) نحوسها وسعودها من أقفار بعضها في علله وريع بعضها على كونه (*) (4) الصفيح السماء (5) الأجواء جمع جو (6) الزجل رفع الصوت. والحظائر جمع حظيرة موضع يحاط عليه لتأوى إليه الغنم والإبل توقيا من البرد والريح، وهو مجاز هنا عن المقامات المقدسة للأرواح الطاهرة. والسترات جمع سترة ما يستتر به. والسرادقات جمع سرادق وهو ما يمد على صحن البيت فيغطيه (7) الرجيج الزلزلة والاضطراب. وتستك منه أي تصم منه الآذان لشدته. وسبحات نور أي طبقات نور وأصل السبحات الأنوار نفسها (8) خاسئة مدفوعة مطرودة عن الترامي إليها

* هذه العبارة طبق الأصل، وهي غير واضحة. وفي شرح ابن أبي الحديد ما يفيد أن النجوم تدل بنحسها وسعدها على أمور عامة مما لا تخص أحدا بعينه كأن تدل على قحط عام أو مرض عام أو نحو ذلك
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»
الفهرست