إخواننا وأهل دعوتنا، استقالونا واستراحوا إلى كتاب الله سبحانه، فالرأي القبول منهم والتنفيس عنهم. فقلت لكم: هذا أمر ظاهره إيمان وباطنه عدوان، وأوله رحمة وآخره ندامة. فأقيموا على شأنكم، والزموا طريقتكم، وعضوا على الجهاد بنواجذكم. ولا تلتفتوا إلى ناعق نعق: إن أجيب أضل، وإن ترك ذل. وقد كانت هذه الفعلة، وقد رأيتكم أعطيتموها (1)، والله لئن أبيتها ما وجبت علي فريضتها، ولا حملني الله ذنبها. ووالله إن جئتها إني للمحق الذي يتبع. وإن الكتاب لمعي. ما فارقته مذ صحبته. فلقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وإن القتل ليدور على الآباء والأبناء والإخوان والقرابات، فما نزداد على كل مصيبة وشدة إلا إيمانا، ومضيا على الحق، وتسليما للأمر، وصبرا على مضض الجراح. ولكنا إنما أصبحنا نقاتل إخواننا في الاسلام على ما دخل فيه من الزيغ والاعوجاج والشبهة والتأويل.
فإذا طمعنا في خصلة (2) يلم الله بها شعثنا ونتدانى بها إلى البقية فيما بيننا رغبنا فيها وأمسكنا عما سواها.
____________________
(1) أنتم الذين أعطيتم لها صورتها هذه التي صارت عليها برأيكم (2) المراد من الخصلة بالفتح هنا الوسيلة. ولم شعثه: جمع أمره. ونتدانى: نتقارب إلى ما بقي بيننا من علائق الارتباط.