نهج البلاغة - خطب الإمام علي (ع) - ج ١ - الصفحة ١٦٧
عرى أشراجها. وفتق بعد الارتتاق صوامت أبوابها (1). وأقام رصدا من الشهب الثواقب على نقابها (2) وأمسكها من أن تمور في خراق الهواء بأيده (3). وأمرها أن تقف مستسلمة لأمره. وجعل شمسها آية مبصرة لنهارها (4) وقمرها آية ممحوة من ليلها (5) فأجراهما في مناقل مجراهما. وقدر سيرهما في مدارج درجهما. ليميز بين الليل والنهار بهما. وليعلم عدد السنين والحساب بمقاديرهما. ثم علق في
____________________
أشبه بالدخان منظرا وبالبخار مادة فتجلى من الله فيها سر التكوين فالتحمت عرى أشراجها، والأشراج جمع شرج بالتحريك هو العروة وهي مقبض الكوز والدلو وغيرهما. وأشار بإضافة العرى للأشراج إلى أن كل جزء من مادتها عروة للآخر يجذبه إليه ليتماسك به، فكل ماسك وممسوك، وكل عروة وله عروة (1) بعد أن كانت جسما واحدا فتق الله رتقه، وفصلها إلى أجرام بينها فرج وأبواب، وأفرغ ما بينها بعد ما كانت صوامت أي لا فراغ فيها (2) النقاب جمع نقب وهو الخرق. والشهب الثواقب أي الشديدة الضياء. والرصد القوم يرصدون كالحرس، وكون الرصد من الشهب في أصل تكوين الخلقة كما قال الإمام دليل على ما أثبته العلم من أن الشهب مقذيان لبعض أجرام الكواكب (*) ما نظمه لها من التفاتق فما نقب وخرق من جرم عوض بالشهاب، وذلك أمر آخر غير ما جاء في الكتاب العزيز فما جاء في الكتاب بمعنى آخر (3) وأمسكها عن أن تمور أي تضطرب في الهواء بأيده أي بقوته، وأمرها أن تقف أي تلزم مراكزها لا تفارق مداراتها، لا بمعنى أن تسكن (4) مبصرة أي جعل شمس هذه الأجرام السماوية مضيئة يبصر بضوئها مدة النهار كله دائما (5) ممحوة يمحى ضؤها في بعض أطراف الليل في أوقات من الشهر، وفي جميع الليل أياما منه.
ومناقل مجراهما الأوضاع التي ينقلان فيها من مداريهما

* العبارة فيها تحريف في الأصل، والمعنى أن كلام الإمام دليل على ما أثبته العلم الحديث من أن الشهب جعلت لتسد ما يحصل في بعض أجرام الكواكب من خروق، كما يدل عليه آخر العبارة
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»
الفهرست